أَخْلَاقُ النَّبِيِّ لِأَبِي الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيِّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى سَتْرِهِ، مَا أَعْجَزَ الْمَسْتُورَ عَنْ شُكْرِهِ مَا ذَكَرَ مِنْ حُسْنِ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَرَمِهِ وَكَثْرَةِ احْتِمَالِهِ، وَشِدَّةِ حَيَائِهِ، وَعَفْوِهِ، وَجُودِهِ، وَسَخَائِهِ، وَشَجَاعَتِهِ، وَتَوَاضُعِهِ، وَصَبْرِهِ عَلَى الْمَكْرُوهِ، وَإِغْضَائِهِ، وَإِعْرَاضِهِ عَمَّا كَرِهَهُ، وَرِفْقِهِ بِأُمَّتِهِ، وَكَظْمِهِ الْغَيْظَ، وَحِلْمِهِ، وَكَثْرَةِ تَبَسُّمِهِ، وَسُرُورِهِ، وَمِزَاحِهِ، وَبُكَائِهِ، وَحُزْنِهِ، وَمَنْطِقِهِ، وَألْفَاظِهِ، وَقَوْلِهِ عِنْدَ قِيَامِهِ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَمَشْيِهِ، وَالْتِفَاتِهِ، وَذِكْرِ مَحَبَّتِهِ الطِّيبَ، وَتَطَيُّبِهِ، وَذِكْرِ قَمِيصِهِ، وَجُبَّتِهِ، وَشُكْرِهِ رَبَّهُ عِنْدَ لُبْسِهِ
فَأَمَّا حُسْنُ خُلُقِهِ ﷺ ١ - أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ السَّيِّدُ أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّقَانِيُّ ﵀، فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنِ الصَّادِقِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا»
فَأَمَّا حُسْنُ خُلُقِهِ ﷺ ١ - أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ السَّيِّدُ أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّقَانِيُّ ﵀، فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنِ الصَّادِقِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا»
1 / 71
٢ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَصْرٍ الْجَمَّالُ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عُلْوَانَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، ﵂ قَالَتْ: مَا كَانَ أَحَدٌ أَحْسَنَ خُلُقًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَا دَعَاهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا قَالَ: لَبَّيْكَ، فَلِذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤]
1 / 75
٣ - نَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا جَرِيرُ بْنُ يَحْيَى، نَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: يَا لَبَّيْكَ
1 / 77
٤ - نَا عَبْدَانُ، نَا زَيْدُ بْنُ الْحَرِيشِ، نَا خَالِدُ بْنُ الْقَاسِمِ، نَا لَيْثٌ، حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ، أَنَّ ابْنَ خَارِجَةَ يَعْنِي سُلَيْمَانَ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كُنَّا إِذَا جَلَسْنَا إِلَيْهِ إِنْ أَخَذْنَا بِحَدِيثٍ فِي ذِكْرِ الْآخِرَةِ أَخَذَ مَعَنَا، وَإِنْ أَخَذْنَا فِي ذِكْرِ الدُّنْيَا أَخَذَ مَعَنَا، وَإِنْ أَخَذْنَا فِي ذِكْرِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ أَخَذَ مَعَنَا، فَكُلُّ هَذَا أُحَدِّثُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ» وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: قُلْنَا لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَخْبِرْنَا عَنْ أَخْلَاقِ، رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ فَقَالَ: عَنْ أَيِّ أَخْلَاقِهِ أُخْبِرُكُمْ؟ كُنْتُ جَارَهُ، فَإِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْي بَعَثَ إِلَيَّ فَأَكْتُبَهُ، وَكُنَّا إِذَا ذَكَرْنَا الدُّنْيَا ذَكَرَهَا مَعَنَا - فَذَكَرَ مِثْلَهُ
1 / 79
٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ، نَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا قَيْسٌ، نَا سِمَاكٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَ طَوِيلَ الصَّمْتِ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ الشِّعْرَ عِنْدَهُ، وَيَذْكُرُونَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمَرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَيَضْحَكُونَ، فَيَبْتَسِمُ مَعَهُمْ إِذَا ضَحِكُوا
1 / 82
٦ - أَخْبَرَنَا الْمَرْوَزِيُّ، نَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا أَبُو هِلَالٍ، نَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: أَكَلْتُ ثُومًا فَانْتَهَيْتُ إِلَى الْمُصَلَّى وَقَدْ سُبِقْتُ بِرَكْعَةٍ، فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رِيحَ الثُّومِ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا، أَوْ رِيحُهُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ صَلَاتِي جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَتُعْطِيَنِّي يَدَكَ، فَأَعْطَاهُ يَدَهُ - قَالَ حُمَيْدٌ: إِذَنْ لَيَجِدَنَّهُ سَهْلًا قَرِيبًا - فَأَدْخَلْتُ يَدَهُ فِي كُمِّي، فَوَضَعَهَا عَلَى صَدْرِي، فَإِذَا أَنَا مَعْصُوبُ الصَّدْرِ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّ لَكَ عُذْرًا
1 / 85
٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الطِّهْرَانِيُّ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَاشِدٍ الْآدَمَيُّ، نَا مُسْلِمٌ، نَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْقَيْسِيُّ، نَا سَعِيدٌ الْجَرِيرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، عَنْ جَرِيرٍ، " أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ بَعْضَ بُيُوتِهِ، فَامْتَلَأَ الْبَيْتُ، وَدَخَلَ جَرِيرٌ فَقَعَدَ خَارِجَ الْبَيْتِ، فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ، فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَفَّهُ وَرَمَى بِهِ إِلَيْهِ، وَقَالَ: اجْلِسْ عَلَى هَذَا، فَأَخَذَهُ جَرِيرٌ، وَوَضَعَهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَقَبَّلَهُ "
1 / 87
٨ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، نَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، نَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ ﵂، فَسَأَلْتُهَا عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَتِ: الْقُرْآنُ
1 / 90
٩ - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبَانَ، نَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا مُوسَى بْنُ مُحَلِّمٍ، نَا عَبْدُ الْكَبِيرِ، نَا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ ﷿: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٩] قَالَ: هَذَا خُلُقُ مُحَمَّدٍ ﷺ، نَعَتَهُ اللَّهُ ﷿
1 / 93
١٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حُسَيْنٍ الْحَذَّاءُ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، نَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، نَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ ﵂: " كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَامَ فَصَلَّى "
1 / 95
١١ - حَدَّثَنَا الْحَذَّاءُ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، نَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، نَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ ﵂ سُئِلَتْ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَعْمَلُ كَعَمَلِ أَحَدِكُمْ فِي بَيْتِهِ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ
1 / 98
١٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْوَشَا، نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَتَّابٍ، نَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ ﵂: مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصْنَعُ إِذَا خَلَا؟ قَالَتْ: يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَصْنَعُ مَا يَصْنَعُ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ
١٣ ⦗١٠٢⦘ حَدَّثَنَا الْحَذَّاءُ، نَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، نَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، نَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ ﵂، مِثْلَهُ
1 / 100
١٤ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، نَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو، نَا بَقِيَّةُ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سُئِلَتْ عَائِشَةُ ﵂: كَيْفَ كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي بَيْتِهِ؟ فَقَالَتْ: «كَأَحَدِكُمْ يَرْفَعُ شَيْئًا وَيَضَعُهُ، وَكَانَ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَيْهِ الْخِيَاطَةُ»
1 / 103
١٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْفِرْيَابِيُّ، نَا مِنْجَابٌ، نَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، ﵂ قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ فِي بَيْتِ النَّبِيِّ ﷺ وَكُنَّ لِي صَوَاحِبُ يَأْتِينَنِي، فَيَلْعَبْنَ مَعِي، فَيَنْقَمِعْنَ إِذَا رَأَيْنَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ، فَيَلْعَبْنَ مَعِي
1 / 106
١٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، نَا الْحَسَنُ بْنُ عَلَيٍّ الْخَلَّالُ، نَا أَبُو زُهَيْرٍ، نَا زَكَرِيَّا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ ﷺ تِسْعَ سِنِينَ فَمَا أَعْلَمُهُ قَالَ لِي قَطُّ: هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ وَلَا عَابَ عَلَيَّ شَيْئًا قَطُّ
1 / 108
١٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ أَيُّوبَ، نَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، مِنْ كِتَابِهِ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ جَمِيلٍ، نَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جُمَيْعُ بْنُ عُمَرَ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ زَوْجِ خَدِيجَةَ، عَنِ ابْنٍ لِأَبِي هَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلَيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ﵉، قَالَ: " سَأَلْتُ أَبِي عَنْ دُخُولِ النَّبِيِّ، ﷺ؟ قَالَ: كَانَ دُخُولُهُ لِنَفْسِهِ، مَأْذُونًا لَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ إِذَا أَتَى إِلَى مَنْزِلِهِ جَزَّأَ دُخُولَهُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءٌ لِلَّهِ، وَجُزْءٌ لِأَهْلِهِ، وَجُزْءٌ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ جُزْأَهُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَرُدُّ ذَلِكَ عَلَى الْعَامَّةِ بِالْخَاصَّةِ، وَلَا يَدَّخِرُ عَنْهُمْ شَيْئًا، فَكَانَ مِنْ سِيرَتِهِ فِي جُزْءِ الْأُمَّةِ إِيثَارُ أَهْلِ الْفَضْلِ بِإِذْنِهِ وَقِسْمَتِهِ، عَلَى قَدْرِ فَضْلِهِمْ فِي الدِّينِ، مِنْهُمْ ذُو الْحَاجَةِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَاجَتَيْنِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْحَوَائِجِ، فَيَتَشَاغَلُ بِهِمْ، وَيَشْغَلُهُمْ فِيمَا يُصْلِحُهُمْ وَالْأَمَةَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ عَنْهُمْ، وَإِخْبَارِهِمْ بِالَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ، وَيَقُولُ: لِيُبَلِّغُ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ، وَأَبْلِغُونِي حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغِي حَاجَتَهُ، فَإِنَّهُ مَنْ أَبْلَغَ سُلْطَانًا حَاجَةَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِبْلَاغَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يُذْكَرُ عِنْدَهُ إِلَّا ذَلِكَ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ غَيْرُهُ. قَالَ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ: يَدْخُلُونَ رُوَّادًا وَلَا يَتَفَرَّقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ، وَيَخْرُجُونَ أَدَلَّةً - يَعْنِي فُقَهَاءَ. قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي عَنُ مَخْرَجِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَحْزِنُ لِسَانَهُ إِلَّا مِمَّا يَعْنِيهِمْ وَيُؤَلِّفُهُمْ، وَلَا يُفَرِّقُهُمْ، يُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ، وَيُوَلِّيهِ عَلَيْهِمْ، وَيُحَذِّرُ النَّاسَ وَيَحْتَرِسُ عَنْهُمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُطْوَيَ عَنْ أَحَدٍ بِشْرَهُ وَخُلُقَهُ، وَيَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ، وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ، وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُصَوِّبُهُ، وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوَهِّنُهُ، مُعْتَدِلُ الْأَمْرِ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، لَا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا، أَوْ يَمَلُّوا، لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ، لَا يُقَصِّرُ عَنِ الْحَقِّ، وَلَا يُجَاوِزَهُ إِلَى غَيْرِهِ، الَّذِينَ يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ خِيَارُهُمْ، وَأَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً: أَحْسَنُهُمْ مُوَاسَاةً وَمُؤَازَرَةً. وَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ؟ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا يَجْلِسُ وَلَا يَقُومُ إِلَّا ذَكَرَ اللَّهَ ﷿، وَلَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ، وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا، وَإِذَا جَلَسَ إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ الْمَجْلِسُ، وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ، وَيُعْطَى كُلَّ جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ، لَا يَحْسِبُ أَحَدٌ مِنْ جُلَسَائِهِ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ لِحَاجَةٍ، صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصَرِفُ، وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَنْصَرِفْ إِلَّا بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ قَدْ وَسِعَ النَّاسَ مِنْهُ خُلُقَهُ فَصَارَ لَهُمْ أَبًا، وَصَارُوا عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءٌ مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ، وَحَيَاءٍ، وَصِدْقٍ، وَأَمَانَةٍ لَا تُرْفَعُ فِيهِ الْأَصْوَاتُ، وَلَا تُؤْبَنُ فِيهِ الْحَرُمُ، وَلَا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ مُعْتَدِلِينَ يَتَوَاصَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى، مُتَوَاضِعِينَ، يُوَقِّرُونَ فِيهِ الْكَبِيرَ، وَيَرْحَمُونَ فِيهِ الصَّغِيرَ وَيُؤْثِرُونَ ذَا الْحَاجَةِ، وَيَحْفَظُونَ الْغَرِيبَ. قُلْتُ: كَيْفَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي جُلَسَائِهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ دَائِمُ الْبِشْرِ، سَهْلُ الْخُلُقِ، لَيِّنُ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ، وَلَا غَلِيظٍ وَلَا صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلَا فَاحِشٍ وَلَا عَيَّابٍ، وَلَا مَدَّاحٍ يَتَغَافَلُ عَمَّا لَا يَشْتَهِي، وَيُؤْيَسُ مِنْهُ، وَلَا يُجِيبُ فِيهِ قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلَاثٍ: الْمِرَاءِ، وَالْإِكْثَارِ، وَمَالَا يُعْنيِهِ وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلَاثٍ: كَانَ لَا يَذُمُّ أَحَدًا، وَلَا يُعَيِّرُهُ، وَلَا يَطْلُبُ عَوْرَاتِهِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ، كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ، وَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا، وَلَا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ الْحَدِيثَ مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ، حَتَّى يَفْرُغَ حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ حَدِيثُ أَوَّلِهِمْ، يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ، وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ، وَمَسْأَلَتِهِ حَتَّى إِنْ كَانَ أَصْحَابُهُ لَيَسْتَجْلِبُونَهُمْ، فَيَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُم طَالِبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَارْفِدُوهُ، وَلَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا مِنْ مُكَافٍ، وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ، حَتَّى يَجُوزَ فَيَقْطَعَهُ بِنَهْي، أَوْ قِيَامٍ. فَسَأَلْتُ: كَيْفَ كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِلْمِ، وَالْحَذَرِ، وَالتَّقْدِيرِ، وَالتَّفْكِيرِ، فَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَفِي تَسْوِيَةِ النَّظَرِ، وَالِاسْتِمَاعِ مِنَ النَّاسِ، وَأَمَّا تَفْكِيرُهُ فَفِيمَا يَبْقَى، وَلَا يَفْنَى وَجُمِعَ لَهُ الْحِلْمَ فِي الصَّبْرِ، فَكَانَ لَا يُغْضِبُهُ شَيْءٌ، وَلَا يَسْتَفِزُّهُ وَجُمِعَ لَهُ الْحَذَرُ فِي أَرْبَعٍ: أَخْذِهِ بِالْحَسَنِ لِيُقْتَدَى بِهِ، وَتَرْكِهِ الْقَبِيحَ لِيُنْتَهَى عَنْهُ، وَاجْتِهَادِهِ الرَّأْيَ فِيمَا أَصْلَحَ أُمَّتَهُ، وَالْقِيَامِ فِيمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ، جَمَعَ لَهُمْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ "
1 / 110
١٨ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ، نَا ابْنُ أَبِي الثَّلْجِ، نَا أَبُو الْوَلِيدِ خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ أَبِي دِرْهَمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مَوْلَى لِآلِ أَنَسٍ - قَدْ سَمَّاهُ وَنَسِيتُهُ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَشْرَ سِنِينَ، وَشَمِمْتُ الْعِطْرَ كُلَّهُ، فَلَمْ أَشُمَّ نَكْهَةً أَطْيَبَ مِنْ نَكْهَتِهِ، وَكَانَ إِذَا لَقِيَهُ وَاحِدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَامَ مَعَهُ فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ يَنْصَرِفُ عَنْهُ وَإِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَتَنَاوَلَ يَدَهُ، نَاوَلَهَا إِيَّاهُ، فَلَمْ يَنْزِعْ مِنْهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُ عَنْهُ وَإِذَا لَقِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَتَنَاوَلَ أُذُنَهُ، نَاوَلَهَا إِيَّاهُ، فَلَمْ يَنْزِعْهَا عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ الَّذِي يَنْزِعُهَا مِنْهُ
1 / 116
١٩ - حَدَّثَنَا ابْنُ رُسْتَةَ، نَا عَلْقَمَةُ بْنُ عَمْرٍو، نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَتَتْ بِي أُمِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا خُوَيْدِمُكَ، فَخَدَمْتُ النَّبِيَّ ﷺ تِسْعَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي لشَيْءٍ قَطُّ: أَسَأْتَ، وَلَا بِئْسَ مَا صَنَعْتَ
1 / 119
٢٠ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، نَا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ، نَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، ﵂ قَالَتْ: «وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى بَابَ حُجْرَتِي، وَالْحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقُمْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، فَقَامَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، حَتَّى انْصَرَفْتُ أَنَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِي، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ»
1 / 121
كَرَمُهُ وَكَثْرَةُ احْتِمَالِهِ وَكَظْمُهُ الْغَيْظَ، وشِدَّةُ حَيَائِهِ وعَفْوُهُ وَصَفْحُهُ وجُودُهُ وَسَخَائُهُ
1 / 123