ألا يا نخلة بالسف
ح من أكناف جرجان
ألا إني وإياك
بجرجان غريبان
وإلى جرجان رحل الغزالي ليتلقى العلم عن أبي نصر الإسماعيلي وعلق عنه التعليقة التي حدثتك عما فعل بها العيارون وهو راجع إلى طوس.
دمشق
لو أنك رجعت إلى ياقوت، وقرأت في معجمه أخبار هذه المدينة لرأيت كيف يضل العرب في بيداء الخيال، ولعرفت أن لهم حظا من أساطير الأولين. وهذا الضلال في ذكر من بنى مدينة دمشق يصور لنا منزلتها المقدسة، التي احتلت قبلا رءوس المسلمين: فهم تارة يذكرون أن بانيها هو دماشق بن فاني بن مالك بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام، وتارة أخرى يقولون إنها بنيت على رأس ثلاثة آلاف ومئة وخمس وأربعين سنة من جملة الدهر الذي يقولون إنه سبعة آلاف سنة، وحينا يزعمون أن إبراهيم عليه السلام ولد بعد بنائها بخمس سنين وحينا آخر يتوهمون أن العازر غلام إبراهيم عليه السلام هو الذي بنى دمشق.
وأغرب من ذلك كله قول ياقوت: وقال أهل الثقة من أهل السير أن آدم عليه السلام كان ينزل في موضع يعرف الآن ببيت أنات، وحواء في بيت لهيا، وهابيل في مقري وكان صاحب غنم، وقابيل في قنينة وكان صاحب زرع، وهذه المواضع حول دمشق.
ووجه الغرابة فيه إخلاده إلى من يسميهم «أهل الثقة» وأين وصل أهل الثقة إلى أخبار آدم ونوح، يا أيها المؤرخ الخطير؟!
وأحب أن أنبه القارئ إلى قيمة الإغراق والغلو في وصف البلاد فإنه نعم الباعث على الرحلة والسياحة، وإن دل على سذاجة الواصفين، وأربعة أخماس الناس يشتاقون إلى رؤية دمشق حين يقرءون أنها كانت مأوى الأنبياء ومصلاهم، وإنه كان بها مسجد إبراهيم وقبر موسى عليهما السلام، وإنه لم توصف الجنة بشيء إلا وفيها مثله!
Unknown page