وهو أشدها، ما يتضرر به الناس في دنياهم، كالظلم والغضب، وشهادة الزور، والغيبة، والنميمة، وهذه معاص شديدة، لأنها ترجع إلى إيذاء الخلق. وأصحاب هذه المعاصي ينقسمون إلى من يظلم في الدماء، وإلى من يظلم في الأموال، وإلى من يظلم في الأعراض، بعضها أشد من بعض، والاستحباب في إهانتهم، والإعراض عنهم مؤكد جدا.
الثاني:
ما يتضرر به الناس في أخراهم لا في دنياهم، كعمل صاحب الماخور الذي يهيئ أسباب الفساد ويسهل طرقها على الخلق، وهو قريب من الأول، ولكنه أخف منه.
وأنا لا أفهم كيف يرى الغزالي أن هذا لا يضر الناس في دنياهم.
9
الثالث:
عمل الذي يفسق به في نفسه، بشرب خمر. أو ترك واجب، أو مقارفة محظور يخصه. والأمر فيه أخف مما سبقه، ولكنه إن صودف وقت مباشرة العمل يجب منعه بما يمتنع به منه، ولو بالضرب والاستخفاف.
نتيجة
ويحسن بالقارئ أن يضم الحب في الله، والبغض في الله، إلى ما قرره الغزالي من وجوب الاحتساب، فإن ضم هذه الأبواب بعضها إلى بعض يعطينا صورة واضحة لما يجب أن يكون عليه المسلم أو المريد أو ذو الخلق الحسن فيما يرى الغزالي.
والرجل الذي أحاط بالحسبة، والحب في الله، والبغض في الله، هو رجل يعرف ما يجب عليه للهيئة الاجتماعية، التي تصلح بصلاح الأفراد، فيهذب نفسه أولا ليفهم بالضبط ما له وما عليه، ثم يدعو الناس إلى حفظ أموالهم وأنفسهم، وينهاهم عن اقتراف ما يضر بهم وبإخوانهم في الدين، ثم يبغض بقلبه وبجوارحه من يغض من العقيدة، أو يظلم الناس. وقد فصل الغزالي ذلك كله بأسلوب بالغ التأثير، ودعم كلامه بكثير من الآيات والأحاديث والأخبار. (18) آداب الزواج
Unknown page