3 .
ومن أدق ما تنبه له الغزالي تلميحه إلى أن يعلم الطفل أسرار البلوغ حين يصل إليه.
والغزالي يسمي المدرسة بالمكتب والكتاب، وليس له في هذا الباب غير برنامج ضئيل، يمثل ما كان يفهم في عصره من المدارس الأولية والابتدائية. ويتلخص هذا البرنامج (في تعلم القرآن، وأحاديث الأخبار، وحكايات الأبرار) ولم تخطر له الرياضة ببال. ولم يتعرض للغة الأدب، ولكنه نبه على أن الطفل يجب أن «يحفظ من الأشعار التي فيها ذكر العشق وأهله ويحفظ من مخالطة الأدباء الذين يزعمون أن ذلك من الظروف ورقة الطبع، فإن ذلك يغرس في نفوس الصبيان بذور الفساد».
والغزالي يعد الطفل في الواقع لأن يكون جنديا في الحياة إذ يحرم عليه كل مظاهر اللين. وإن كان لم يغفل عن غايته الأخلاقية حين أوصى بأن يعلم أن الموت منتظره في كل ساعة، وأن العاقل من تزود من دنياه لأخراه. وأرى هذه الوصية خطرة، إذ تضعف العزم في نفوس الأحياء، ولا تترك للإسلام نفسه جيشا يحفظ به ثغر، أو يفتح به قطر، وما كان الإسلام إلا دين الغزاة الفاتحين.
تربية البنات
لم يتكلم الغزالي عن تربية البنات، وكان عليه أن يهبهن نصيبا من عنايته. ولكن الرجل تأثر بعصره، وبقومه، فقد كانت تربية البنات مما لا يهتم به الأولون.
وسترى حين نتكلم عن حقوق المرأة أنه يحتم على الرجل أن يعلم زوجه، فإن لم يعرف ناب عنها في سؤال العلماء، ولكنك سترى كذلك أن هذا العلم الواجب على الرجل لامرأته لا يزيد عن معرفة الفرائض من صلاة وصيام. ومعرفة الفرائض هذه لا تفيد المرأة شيئا في الحياة المنزلية، وهي العبء الملقى على عواتق النساء.
الفصل الرابع
آداب المعلمين
قد رأيت المنهج الذي وضعه الغزالي لتربية الطفل، ورأيت ما خطه لبرنامج التدريس في المكاتب الصغيرة، والآن نقفك على رأيه في تربية الطلاب، ونريد بهم من رأوا الاستزادة من العلم بعد انقضاء ذلك الأمد القصير، الذي أعد للأطفال.
Unknown page