Akhlaq Cinda Ghazali

Zaki Mubarak d. 1371 AH
131

Akhlaq Cinda Ghazali

الأخلاق عند الغزالي

Genres

يقول الغزالي: «وقد انكشف لك من هذا أن التوكل ليس انقطاعا عن الأسباب، بل الاعتماد على الصبر على الجوع مدة، والرضا بالموت إن تأخر الرزق نادرا، وملازمة البلاد والأمصار وملازمة البوادي التي لا تخلو عن الحشيش وما يجري مجراه. فهذه كلها أسباب البقاء ولكن مع نوع من الأذى ... إلخ»؟

ونكرر ما لاحظناه من أن فهم التوكل بهذه الصورة خطأ مبين، فإنه يجر القادر على الطلب إلى الرضا بالسؤال، وانتظار المصادفات، والترحيب بالموت، مع أن قطع أسبابه من أول ما يعنى به بناة الأخلاق.

الادخار

ورأي الغزالي في الادخار عجيب، إذ أفضل الحالات عنده لمن حصل على مال بإرث أو كسب أو أي سبب من الأسباب أن يأخذ قدر حاجته في الوقت: فيأكل إن كان جائعا، ويلبس إن كان عاريا، ويشتري سكنا مختصرا إن كان محتاجا، ويفرق الباقي في الحال. ولا يأخذ، ولا يدخر، إلا بالقدر الذي يدرك به من يستحقه ويحتاج إليه، فيدخره على هذه النية!

والذي يدخر لسنة ليس من المتوكلين أصلا كما يقول!

والذي يدخر لأربعين يوما فما دونها يحرم من المقام المحمود الموعود في الآخرة للمتوكلين.

ونحب أن يتأمل القارئ هذا الرأي في الاقتصاد، فقد أكثر المؤرخون من لوم العرب على إهمال هذا العلم، وعدوا الجهل به سببا لسقوط المملكة العربية، مع أنها كانت تسيطر على أخصب بلاد العالم كمصر والعراق. ولكن كيف يحترم هذا العلم في أمة يقول إمام الأئمة فيها: إن ادخار المال لأربعين يوما يحرم المرء من المقام المحمود؟

وقد تفضل الغزالي فأباح للمعيل أن يدخر قوت عياله لسنة؟!

وتفضل كذلك فأجاز للرجل أن يدخر الكوز وأثاث البيت؟!

والفرق عنده بين الكوز وغيره، أن سنة الله لم تجر بتكرر الأواني مع الحاجة إليها في كل وقت، ولكن جرت سنته بتكرار الأرزاق في كل سنة. وكان عليه أن يعرف أن الرزق إنما يتجدد في كل سنة، لمن يملك من المزارع والمتاجر ما يتجدد ريعه في كل سنة. فيا عجبا كيف يجيز التوكل إتلاف رأس المال!

Unknown page