أيتها الشمس! رأيت الجبابرة تغتالهم الصعاليك، كما شاهدت الفقير يموت على الطريق أمام أبواب القصور.
كل يوم تطلين على الوجود بجمال غير متغير، فهل لك أن تعلمي المتلونين المتقلبين أن يثبتوا؟
أنت تشاهدين الآثام كل ساعة ولا تغضبين على أحد، فهل لك أن تعلمي الجالسين على كرسي موسى سعة الصدر فلا يغضبوا للأمور الطفيفة؟ أنت لا تنتقمين عندما ترين ما تنقبض له أسرتك، فهل تعلمين محبي الانتقام الصبر والأناة؟
إن حملك خفيف ونيرك طيب. فهل يسمع ما أقوله عنك أصحاب الأحمال الثقيلة التي يسقط تحتها الفقير كما يسقط الكوخ المتداعي تحت أقدام الصاعقة؟
أنت لا تقاومين الغيوم إذا وقفت بوجهك؛ لأن ذلك من واجبات الريح، وهي تبددها من أمامك. فهل يتعلم منك البعض فلا يتجاوزون حدودهم؟
لم نسمع أنك اهتممت بأن تمطري عوضا عن الغيوم، فهل يفهم ذلك منك أولئك المتداخلون بما لا يعنيهم؟
أيتها الشمس! كم أتمنى أن تظهري بغتة في ظلمة الليل لتري فظائع البشر ومفاسد المدنية؛ لتعلمي السر الذي ندرك به الشباب في الصبا، والشيخوخة في الشباب؛ لتنظري في القصور المقامرين والمقامرات، وفي الحانات السكيرين والسكيرات.
لقد سقطت عن عرش الألوهية ولم تغضبي. وبعدما كان يناجيك الإنسان كالإهة عظمى، أمسى يفكر بالصعود إلى جوارك، بل إليك لولا نارك! ولا أحسب أنك نسيت صلاة الفيلسوف نون الذي كان يقدمها لك في صور منذ خمسة عشر جيلا ساجدا لك هاتفا بك: «يا ملك النار ومبدأ العالم، أيتها الشمس المنظمة الأزلية لحياة البش،. من عجلتك الذهبية ينزل العمر، وإذا ما هجمت على الليل يهرب عن عرشه. إن مرجة السماء الواسعة تتهلل بقدومك، وتحت قرصك تنبت الحياة وتنمو. يا من قمصانك المرصعة بالنجوم تنير السماء، أعيريني أذنا صاغية واستجيبي لصلاتي.»
فأجابتني الشمس: من بدء الخلق وأنا أتمم واجباتي، ولا يعتدى علي ولا أعتدي، وأولا وآخرا، لا حول ولا قوة إلا بالله.
إلى إخواني الطلاب
Unknown page