عالمًا، ولم يغن في العلم يومًا سالمًا، بكر فاستكثر، ما قل منه فهو خير مما كثر، حتى إِذَا ارتوى من آجن، وأكثر من غير طائل، قعد بين الناس قاضيًا لتلخيص ما التبس على غيره، إن نزلت به إحدى الشبهات هيأ حشوًا رثًا من رأيه، فهو من قطع الشبهات في مثل غزل العنكبوت؛ لا يعلم إِذَا أخطأ، لأنه لا يعلم أأخطأ أم أصاب، خباط عشوات، ركاب جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض في العلم بضرس قاطع، يذرو الرواية ذرو الريح الهشيم، تبكي منه الدماء، وتصرخ منه المواريث، ويستحل بقضائه الفرج الحرام، لا ملئ والله بإصدار ما ورد عليه، ولا أهل لما قرظ به.
[كلمة معاذ بن جبل في القاضي الجاهل]
أَخْبَرَنِي إبراهيم بْن أبي عثمان؛ قال: حَدَّثَنِي عيسى بْن هلال السليحي؛ قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن حمير؛ قال: حَدَّثَنَا غنيم بْن عُمَر الضبي، عَن طلحة، عَن برد بْن سنان، عَن ناشرة بْن سلم، عَن معاذ بْن جبل؛ قال: إن من أبغض عباد الله إِلَى الله عَبْدًا لهج برواية القضاء، حتى سماه جهال الناس عالمًا، فإذا أكثر من غير طائل أجلس قاضيًا بين الناس، ضامنًا لتلخيص ما التبس على غيره، فمثله كمثل غزل العنكبوت، إن أخطئ به لا يعلم، لا يعتذر مما لا يعلم فيعذر، ولا يقول لما لا يعلم: لا أعلم، تبكي منه المواريث، وتضرج
1 / 33