Akhbar Qabilat al-Khazraj
أخبار قبائل الخزرج
Investigator
رسالة دكتوراة - الجامعة الإسلامية
Publisher
عمادة البحث العلمي
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Publisher Location
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Genres
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
مقدّمة معالي مدير الجامعة الإسلاميّة
﴿وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة:١٢٢].
﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ [طه:١١٤].
وقد رتّب النبي ﷺ الخير كلّه على التفقّه في الدّين
فقال ﷺ: «من يرد الله به خيرا يفقّه في الدين» متّفق عليه.
وقال ﷺ: «النّاس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا» متّفق عليه. وهذا مما يدلّ على أهميته وعظم شأنه.
لذلك كان الاهتمام بالعلم الشّرعيّ المستمّد من الكتاب والسنّة وفهم السّلف الصّالح هو الهدف الأسمى لمؤسس هذه الدّولة المباركة الملك عبد العزيز-يرحمه الله-وكذلك أبناؤه من بعده الذين كانت لهم اليد الطولى وقدم السبق في الاهتمام بالعلم وأهله؛ فأولوه عناية فائقة، وخصّوه بجهود مباركة، ظهرت آثارها على البلاد والعباد.
1 / 5
وكان لخادم الحرمين الشّريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز-حفظه الله-جهود واضحة استوت على سوقها ووفّقت لمقصودها، ومن ذلك أمره بزيادة عدد الجامعات، وفتح جميع الوسائل ذات العلاقة بالتطوير والتنقيح والتأليف والنّشر كعمادات ومراكز البحث العلميّ في شتّى الجامعات وعلى رأسها الجامعة الإسلاميّة-العالمية العلمية-التي أولت البحث العلميّ اهتماما بالغا وجعلته غاية من غاياتها وهدفا من أهدافها.
ومن هنا فعمادة البحث العلميّ بالجامعة تهتم بالبحوث العلميّة نشرا وجمعا وترجمة وتحكيما في داخل الجامعة وخارجها؛ من أجل النّهوض بالبحث العلميّ، والتشجيع على التّأليف والنّشر، ومن ذلك كتاب:
[أخبار قبائل الخزرج، للحافظ النسّابة عبد المؤمن الدمياطي] تحقيق: د/عبد العزيز بن عمر بن محمّد البيتي.
أسأل الله أن يوفّقنا جميعا لما يحبّ ويرضى ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
معالي مدير الجامعة الإسلاميّة
أ. د/محمد بن علي العقلا
1 / 6
المقدمة
1 / 7
المقدمة
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ (١٠٢) (^١)، وقال سبحانه: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (١) (^٢)، وقال جل شأنه:
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ (٧١) (^٣)، وقال جل شأنه: ﴿سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ (^٤).
أما بعد؛ فإن خير الكلام؛ كلام الله ﷾، وخير الهدي؛ هدي نبينا محمّد ﷺ، فبعد أن منّ الله ﷾ عليّ -بفضله وتوفيقه-بالانتهاء من مرحلة العالمية (الماجستير) تطلعت إلى إكمال مرحلة العالمية (الدكتوراه) في مجال تخصصي للسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، وبدأت البحث، إلى أن وفّقني الله ﷾ فعثرت على نسخة مهمة ونادرة من كتاب «أخبار قبائل الخزرج» للإمام النسّابة
_________
(^١) سورة آل عمران، الآية ١٠٢.
(^٢) سورة النساء، الآية ١.
(^٣) سورة الأحزاب، الآية ٧٠ - ٧١.
(^٤) سورة البقرة، الآية ٣٢.
1 / 9
شرف الدين أبي محمّد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي (٦١٣ - ٧٠٥ هـ) وكان ذلك بمكتبة الجامعة الإسلامية، وتكرم المسؤلون بقسم المخطوطات بتصويرها لي؛ فجزاهم الله خيرا، وقبلت رسالة للدكتوراه بعنوان:
[أخبار قبائل الخزرج لعبد المؤمن الدّمياطي-دراسة وتحقيق-]
***
1 / 10
(أولا) الكتاب وأهميته:
يتناول كتاب «أخبار قبائل الخزرج» لعبد المؤمن الدمياطي ذكر أنساب قبائل الخزرج بن حارثة، وتراجم كل قبيلة وما فيها من البطون الذين نصروا، رجالا ونساء وذرياتهم وحلفائهم ومواليهم، واشتمل على ذكر الصحابة والصحابيات ﵃، والتابعين ومن بعدهم ووصل بتراجم وأنساب بعضهم إلى عصره في القرن السابع الهجري، مبرزا كذلك جملا من سيرهم وأخبارهم ورواة الحديث منهم عن رسول الله ﷺ، مبينا مواضع هذه الأحاديث والأخبار في الكتب المختلفة التي ينقل أو يروي عنها.
وهذا الكتاب-فيما أحسب (^١) -هو أول كتاب مفرد عن أخبار وتراجم وأنساب قبائل الخزرج بن حارثة، أخي الأوس بن حارثة، ويعد أصلا في تخصصه وفنه.
وتوجد من هذا الكتاب نسخة في المكتبة الآصفية بحيدرآباد بالهند تحت رقم (١٩٨) رجال، وهي التي صورها معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية عام ١٣٧١ هـ، وأودعا في مكتبته تحت رقم (٣١٦٥)، وانتسخت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة صورة من نسخة المعهد موجودة في مكتبتها تحت رقم (٢٨٧٩)، وقد كتبت هذه النسخة على يد أحد تلاميذ الحافظ عبد المؤمن الدمياطي المعروف بحسن الخط والإتقان، وروجعت النسخة على أصل المؤلف؛ فهي نسخة نفيسة لقربها من عصر المؤلف.
وكتاب «أخبار قبائل الخزرج» للدمياطي مع شهرته بين تلاميذه ومن جاء بعدهم، غير أن معظم من ترجم للدمياطي من المهتمين بالمخطوطات لم يشيروا
_________
(^١) راجعت العديد من المظان، فلم أجد من سبق عبد المؤمن الدمياطي بمؤلف مفرد عن الخزرج بن حارثة.
1 / 11
لوجود هذه النسخة التي تقدم ذكرها (^١).
أما (الأوس والخزرج) فهما: ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرؤ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان (^٢)، وإلى قحطان تنتهي وتجتمع القبائل اليمنية كلها (^٣)، وهذه القبائل كانت تقطن في اليمن حتى وقعت بعض الظروف والأحوال التي أدت إلى تفرقها وتحولها من مساكنها، ومن أهمها تهدم سدّ مأرب الشهير، وقد استوطن (الأوس والخزرج)، المدينة، واستقروا بها في حدود عام ٢٠٧/م (^٤).
ويعرف (الأوس والخزرج) في الإسلام بالأنصار، قال أنس بن مالك ﵁ «سمّانا الله» (^٥)، فهم أنصار الله ﷾، وأنصار دينه القويم، وأنصار خاتم النبيين محمّد ﷺ.
_________
(^١) انظر مثلا: خير الدين الزركلي في: الأعلام (ج ٤، ص ١٦٩)، ومصطفى جواد في: تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني (ص ١٦٢ حاشية)، وأحمد أحمد بدوي في: الحياة العقلية في عصر الحروب الصليبية (ص ١٤٥)، وفهمي سعد في: نساء رسول الله للدمياطي (ص ٦)، ومجدي السيد إبراهيم في: التسلي والاغتباط للدمياطي (ص ١٣). ولم يشر للكتاب في مؤلفات الدمياطي، وعبد الملك بن دهيش في: المتجر الرابح للدمياطي، وذيل بروكلمان على تاريخ الأدب العربي (ج ٢ ص ٧٩) انظر. C.BROKELMANN'LEIDEN.٨٣٩١'s.II'p/٩٧. QESCHICHTE DER ARABISCHEN Dr:
(^٢) نسب معد (ص ٣٦٢،١٣٢،١٣١)، وقال أبو عمر ابن عبد البر: أن العرب كلها جذمان، والجذم: الأصل، فأحدهما: عدنان، والآخر: قحطان، فإلى هذين الجذمين ينتهي كل عربي في الأرض …، ولا بد أن يقال: عدناني أو قحطاني. الأنباه على قبائل الرواة (ص ٣٠).
(^٣) السيرة النبوية لابن هشام (م ١ ص ٥).
(^٤) السيرة النبوية الصحيحة لأكرم العمري (ج ١ ص ٢٢٩).
(^٥) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/مناقب الأنصار (ر/٣٥٦٥).
1 / 12
وقد أثنى الله ﷾ في كتابه العزيز على هؤلاء الأنصار في العديد من الآيات الكريمات، فقال ﷾: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ﴾ (^١)، وقال ﷿: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ (٧٤) (^٢)، وقال ﷿: ﴿وَالسّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَدًا ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (١٠٠) (^٣)، وقال ﷿: ﴿لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ﴾ (^٤) الآية، وقال ﷿: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ ﴿يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (٩) (^٥).
هذه بعض المآثر البينة التي حفظها القرآن الكريم وجعلها خالدة تالدة لهؤلاء الأنصار من (الأوس والخزرج) الذين كان منهم نجوم الاهتداء وأئمة الإقتداء، والواسطة فيما نقلوه لمن بعدهم من الدين الحنيف عن رسول الله ﷺ، فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.
_________
(^١) سورة الأنفال، الآية ٧٢.
(^٢) سورة الأنفال، الآية ٧٤.
(^٣) سورة التوبة، الآية ١٠٠.
(^٤) سورة التوبة، الآية ١١٧.
(^٥) سورة الحشر، الآية ٩.
1 / 13
وقد أثنى رسول الله ﷺ على الأنصار مثمنا لهم دورهم في تبني دعوته وإعانته على نشرها، معرّفا بفضائلهم ومناقبهم، فأوصى بهم وشدد ﷺ في وصيته، كما أوصى أمته بهم خيرا، بل إنه ﷺ خصهم بالاستغفار لهم ولأبنائهم فدعا لهم ورضي عنهم وأحبهم وأكرمهم وأصبحوا منه ووعدهم باللقيا على حوضه الشريف ﷺ، ومن الأحاديث التي توضح ذلك ما يلي:
عن أنس بن مالك ﵁ قال: صعد النبي ﷺ المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أوصيكم بالأنصار فإنّهم كرشي وعيبتي (^١) وقد قضوا الّذي عليهم وبقي الّذي لهم، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم» (^٢).
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال النبي ﷺ: «الأنصار كرشي وعيبتي، والنّاس سيكثرون، ويقلّون، فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم» (^٣).
وعن ابن عباس ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «أمّا بعد أيّها النّاس! فإنّ النّاس يكثرون، وتقلّ الأنصار حتّى يكونوا كالملح في الطّعام، فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه، فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم» (^٤).
وعن سهل بن سعد ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «الّلهم لا عيش إلا عيش
_________
(^١) الكرش: بمنزلة المعدة مستقر الغذاء والنماء. والعيبة: ما يحرز فيه الرجل نفيس ما عنده، وقيل: مستودع الثياب، أي أنهم بطانته وخاصته وموضع سره وأمانته. انظر: فتح الباري (ج ٧ ص ١٥٢).
(^٢) صحيح البخاري، ك/المناقب، ب/قول النبي ﷺ «اقبلوا من محسنهم …»، (ر/٣٥٨٨).
(^٣) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/قول النبي ﷺ «اقبلوا من محسنهم …»، (ر/٣٥٩٠). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/من فضائل الأنصار، (ر/٢٥١٠).
(^٤) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/قول النبي ﷺ «اقبلوا من محسنهم …»، (ر/٣٥٨٩).
1 / 14
الآخرة فاغفر للمهاجرين والأنصار» (^١).
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «اللهمّ لا عيش إلا عيش الآخرة فأصلح الأنصار والمهاجرة» (^٢).
وعن أنس ﵁ قال: كانت الأنصار يوم الخندق تقول:
نحن الذين بايعوا محمّدا … على الجهاد ما حيينا أبدا.
فأجابهم النبي ﷺ: «اللهمّ لا عيش إلا عيش الآخرة فأكرم الأنصار والمهاجرة» (^٣).
وعن أنس ﵁ قال: قال النبي ﷺ: «لا عيش إلاّ عيش الآخرة فاغفر للأنصار» (^٤).
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «اللهم اغفر للأنصار، ولأبناء الأنصار» (^٥).
وعن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وأشجع وغفار، مواليّ؛ ليس لهم مولى دون الله ورسوله» (^٦).
_________
(^١) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/دعاء النبي ﷺ «أصلح الأنصار والمهاجرة»، (ر/٣٥٨٦). وصحيح مسلم، ك/الجهاد والسير، ب/غزوة الأحزاب وهي الخندق، (ر/١٨٠٤).
(^٢) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/دعاء النبي ﷺ «أصلح الأنصار والمهاجرة»، (ر/٣٥٨٤).
(^٣) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/دعاء النبي ﷺ «أصلح الأنصار والمهاجرة»، (ر/٣٥٨٥). وصحيح مسلم، ك/الجهاد والسير، ب/غزوة الأحزاب وهي الخندق، (ر/١٨٠٥).
(^٤) صحيح البخاري، ك/التفسير، ب/سورة المنافقون، (ر/٣٥٨٤).
(^٥) صحيح البخاري، ك/التفسير، ب/سورة المنافقون، (ر/٤٦٢٣). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/من فضائل الأنصار، (ر/٢٥٠٦).
(^٦) صحيح البخاري، ك/المناقب، ب/مناقب قريش (ر/٣٣١٣). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة وتميم ودوس وطيء، (ر/٢٥٢٠).
1 / 15
وعن عبد الله بن زيد بن عاصم قال: قال رسول الله ﷺ: «… لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الأنصار واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار (^١)، إنكم ستلقون بعدي أثرة (^٢) فاصبروا حتى تلقوني على الحوض» (^٣).
وعن البراء بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: «الأنصار، لا يحبّهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبّهم أحبّه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله» (^٤).
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ «آية الإيمان حبّ الأنصار وآية النّفاق بغض الأنصار» (^٥).
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «… لو سلكت الأنصار واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم» (^٦).
_________
(^١) شعار: الثوب الذي يلي الجلد من الجسد، دثار: الثوب الذي فوقه، وهي استعارة لطيفة لفرط قربهم منه وأنه ألصق الناس به وأقربهم إليه من غيرهم، انظر: فتح الباري (ج ٧ ص ٦٤٩).
(^٢) أثرة: أي الشدة، وقيل يصير الأمر في غيرهم فيختصون دونهم بالأموال أو بحظ دنيوي، انظر: فتح الباري (ج ٧ ص ١٤٧، ص ٦٤٩، ج ١٣ ص ٨).
(^٣) صحيح البخاري، ك/المغازي، ب/غزوة الطائف، (ر/٤٠٧٥). وصحيح مسلم، ك/الزكاة، ب/إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوى إيمانه، (ر/١٠٦١).
(^٤) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحاية، ب/حب الأنصار من الإيمان (ر/٣٥٧٢). وصحيح مسلم، ك/الإيمان، ب/الدليل على أن حب الأنصار وعلى ﵃ من الإيمان وعلاماته وبغضهم من علامات النفاق، (ر/٧٥).
(^٥) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحاية، ب/حب الأنصار من الإيمان (ر/٣٥٧٣). وصحيح مسلم، ك/الإيمان، ب/الدليل على أن حب الأنصار وعلى ﵃ من الإيمان وعلاماته وبغضهم من علامات النفاق، (ر/٧٤).
(^٦) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/مناقب الأنصار، (ر/٣٥٦٧). وصحيح مسلم، ك/الإيمان، ب/الدليل على أن حب الأنصار وعلى ﵃ من الإيمان وعلاماته وبغضهم من علامات النفاق، (ر/١٠٥٩).
1 / 16
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبا لاخترت شعب الأنصار» (^١).
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ للأنصار: «إنّكم سترون بعدي أثرة شديدة، فاصبروا حتّى تلقوا الله ورسوله ﷺ على الحوض» (^٢).
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله للأنصار: «إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني وموعدكم الحوض» (^٣).
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ للأنصار أيضا: «اللهم أنتم من أحب الناس إلي» قالها ثلاث مرات (^٤).
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ لهم أيضا: «والذي نفسي بيده إنكم أحب الناس إلي» مرتين (^٥).
وعن زيد بن أرقم ﵁ قالت الأنصار إن لكل قوم أتباعا، وإنا قد اتبعناك، فادع الله أن يجعل أتباعنا منا، فقال النبي ﷺ: «اللهم اجعل أتباعهم منهم» (^٦).
_________
(^١) صحيح البخاري، ك/المغازي، ب/غزوة الطائف، (ر/٤٠٧٨). وصحيح مسلم، ك/الإيمان، ب/الدليل على أن حب الأنصار وعلى ﵃ من الإيمان وعلاماته وبغضهم من علامات النفاق، (ر/١٠٥٩).
(^٢) صحيح البخاري، ك/الخمس، ب/ما كان للنبي ﷺ يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه (ر/٢٩٧٨). وصحيح مسلم ك/الإيمان، ب/الدليل على أن حب الأنصار وعلى ﵃ من الإيمان وعلاماته وبغضهم من علامات النفاق، (ر/١٠٥٩).
(^٣) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/قول النبي ﷺ للأنصار «اصبروا حتى تلقوني على الحوض»، (ر/٣٥٨٢).
(^٤) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/قول النبي ﷺ للأنصار «أنتم أحب الناس إلى»، (ر/٣٥٧٤). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/من فضائل الأنصار، (ر/٢٥٠٨).
(^٥) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/قول النبي ﷺ للأنصار «أنتم أحب الناس إلي» (ر/٣٥٧٥). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/من فضائل الأنصار، (ر/٢٥٠٩).
(^٦) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/أتباع الأنصار، (ر/٣٥٧٧).
1 / 17
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: صحبت جرير بن عبد الله، فكان يخدمني وهو أكبر من أنس، قال جرير: إني رأيت الأنصار يصنعون شيئا لا أجد أحدا منهم إلا أكرمته (^١).
وعن قتادة قال: ما نعلم حيّا من أحياء العرب أكثر شهيدا، أعزّ يوم القيامة من الأنصار (^٢).
وعند ما ذكر النبي ﷺ فضائل دور الأنصار ذكر منهم من بني الخزرج: دور بني النجار، وهم من بني عمرو بن الخزرج، ودور بني ساعدة وهم من بني كعب بن الخزرج، أخي الأوس ابنا حارثة،
فعن أبي أسيد ﵁ قال ﷺ: «خير دور الأنصار، بنو النجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحارث بن خزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير» (^٣).
﴿إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا﴾ قال جابر بن عبد الله: نزلت فينا وما أحب أنها لم تنزل، والله يقول: ﴿وَاللهُ وَلِيُّهُما﴾ (^٤).
وكان لبعض بني الخزرج خاصة مناقب عديدة، منهم: معاذ بن جبل ﵁، ففي
_________
(^١) صحيح البخاري، ك/الجهاد والسير، ب/فضل الخدمة في الغزو، (ر/٢٧٣١). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة ب/في حسن صحبة الأنصار، (ر/٢٥١٣).
(^٢) صحيح البخاري، ك/المغازي، ب/من قتل من مسلمين يوم أحد، (ر/٣٨٥٠).
(^٣) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/فضل دور الأنصار، (ر/٣٥٧٨). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة ب/في خير دور الأنصار، (ر/٢٥١١). وبنو عبد الأشهل من الأوس والنسبة إليهم الأشهلي، وهناك بنو عبد الأشهل من الخزرج، وهم بنو عبد الأشهل بن حارثة بن دينار بن النجار من الخزرج، انظر: أسد الغابة (ج ١ ص ٣٠٢).
(^٤) صحيح البخاري، ك/المغازي، ب/ إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، (ر/٣٨٢٥). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة ب/من فضائل الأنصار، (ر/٢٥٠٥). وانظر عن سبب النزول في: تفسير ابن كثير (ج ٢ ص ٩٢).
1 / 18
حديث عبد الله بن عمرو قال:
قال النبي ﷺ: «استقرئوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود …، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل» (^١).
وكذلك منهم: أبيّ بن كعب ﵁، فمن حديث أنس ﵁ قال:
قال النبي ﷺ:
«خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود …، وسالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبيّ بن كعب» (^٢)،
و﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا» قال: وسماني؟ قال: «نعم» فبكى (^٣).
ومنهم أيضا: أبو طلحة زيد بن سهل ﵁، وقال عنه أنس بن مالك: «لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي ﷺ، وأبو طلحة بين يدي النبي ﷺ مجوّب (^٤) به عليه بحجفة له» (^٥).
ومنهم أيضا: عبد الله بن عمرو بن حرام ﵁، فعن ابنه جابر ﵄ قال: جيء بأبي يوم أحد قد مثّل به حتى وضع بين يدي رسول الله ﷺ وقد سجي ثوبا، فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي …، فسمع صوت صائحة فقال: «من هذه؟» فقالوا: ابنة عمرو أو أخت عمرو، قال: «فلم تبكي؟، أو لا تبكي، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع» (^٦).
ومنهم أيضا: أنس بن مالك بن النضر ﵁، خادم النبي ﷺ،
فعن أم سليم ﵂ أنها طلبت من النبي ﷺ أن يدعو له فقال: «اللهم أكثر ماله وولده
_________
(^١) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/مناقب سالم مولى أبي حذيفة ﵁، (ر/٣٥٤٨). وصحيح مسلم ك/فضائل الصحابة ب/من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه ﵄، (ر/٢٤٦٤).
(^٢) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/مناقب أبي بن كعب ﵁، (ر/٣٥٩٧).
(^٣) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/مناقب أبي بن كعب ﵁، (ر/٣٥٩٨). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار ﵃، (ر/٧٩٩).
(^٤) مجوب: أي مترس عليه يقيه بها، ويقال للترس: جوبة، والحجفة: الترس، انظر: فتح البري (ج ٧ ص ١٦٠).
(^٥) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/مناقب أبي طلحة ﵁، (ر/٣٦٠٠).
(^٦) صحيح البخاري، ك/الجنائز، ب/ما يكره من النياحة على الميت، (ر/١٢٣١). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/من فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام، (ر/٢٤٧١).
1 / 19
وبارك له فيما أعطيته» (^١)، وكذلك كان أنس بن مالك ﵁ يقول: أسر إلي النبي ﷺ سرا، فما أخبرت به أحدا بعده، ولقد سألتني أم سليم؟ فما أخبرتها به (^٢). وقال غيلان بن جرير: كنا ندخل على أنس فيحدّثنا بمناقب الأنصار ومشاهدهم (^٣).
ومن الخزرج أيضا أربعة نفر جمعوا القرآن على عهد النبي ﷺ، ومنهم: زيد بن ثابت بن الضحاك ﵁. فعن أنس بن مالك ﵁ قال: «جمع القرآن على عهد النبي ﷺ أربعة نفر كلهم من الأنصار، أبيّ، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وزيد بن ثابت» (^٤).
ومنهم أيضا:
حسان بن ثابت، وقال له النبي ﷺ: «أجب عني، اللهم أيّده بروح القدس» (^٥)، وفي حديث البراء بن مالك ﵁ قال:
قال النبي ﷺ لحسان: «اهجهم أو هاجهم وجبريل معك» (^٦)، وقالت عائشة أم المؤمنين ﵂: كان ينافح عن النبي ﷺ (^٧).
وكثير غير هؤلاء ممن ذكروا في هذا الكتاب المخطوط لعبد المؤمن الدمياطي.
وحظي نساء الأنصار أيضا بمكانة عظيمة لدورهنّ الكبير والخطير في المجتمع الإسلامي بالمدينة آنذاك، وكان لنساء الخزرج خاصة أثر بارز ومميز من هذه الأحداث
_________
(^١) صحيح البخاري، ك/الدعوات، ب/قول الله تعالى وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ومن خص أخاه بالدعاء دون نفسه، (ر/٥٩٧٥). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/من فضائل أنس بن مالك ﵁، (ر/٢٤٨٠).
(^٢) صحيح البخاري، ك/الاستئذان، ب/حفظ السر، (ر/٥٩٣١). وصحيح مسلم، فضائل الصحابة ب/من فضائل أنس بن مالك ﵁، (ر/٢٤٨٢).
(^٣) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/مناقب الأنصار، (ر/٣٥٦٥).
(^٤) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/مناقب زيد بن ثابت ﵁، (ر/٣٥٩٩)، وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة ب/من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار، (ر/٢٤٦٥).
(^٥) صحيح البخاري، ك/بدء الخلق، ب/ذكر الملائكة، (ر/٣٠٤١). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/فضائل حسان بن ثابت ﵁ (ر/٢٤٨٥).
(^٦) صحيح البخاري، ك/بدء الخلق، ب/ذكر الملائكة، (ر/٣٠٤١). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/فضائل حسان بن ثابت ﵁ (ر/٢٤٨٦).
(^٧) صحيح البخاري، ك/المناقب، ب/من أحب أن لا يسب نسبه، (ر/٣٣٣٨). وصحيح مسلم، فضائل الصحابة الصحابة ب/فضائل حسان بن ثابت، (ر/٢٧٨٩،٢٤٨٧).
1 / 20
من خلال المشاركات الجهادية والزوجية والأسرية الفاعلة لترابط الجماعة المسلمة، وسطر التاريخ لكثير منهنّ فضائل ومناقب وحسن عمل وحسن ختام، وخلد ذكرهنّ مع النبي ﷺ، فمنهن:
أم سليم بنت ملحان-واسمه: مالك-بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عديّ بن النجّار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، قال ابنها أنس بن مالك:
أن النبي ﷺ لم يكن يدخل بيتا بالمدينة؛ غير بيت أم سليم، إلا على أزواجه، فقيل له؟، فقال: «إني أرحمهما (^١)، قتل أخوها معي» (^٢)، وكانت تحمل القرب وتفرغها في أفواه القوم يوم أحد (^٣).
وأختها أم حرام بنت ملحان، قال عنها أنس:
كان رسول الله ﷺ يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله ﷺ فأطعمته وجعلت تفلي رأسه، فنام رسول الله ﷺ ثم استيقظ وهو يضحك!، قالت: فقلت وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمّتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج (^٤) هذا البحر ملوكا على الأسرة ..» قالت: فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها رسول الله ﷺ، ثم وضع رأسه، ثم استيقظ وهو يضحك! فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله» كما قال في الأول، قالت: فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «أنت من الأولين»، فركبت البحر زمن معاوية بن أبي سفيان،
_________
(^١) قال ابن حجر العسقلاني في قوله «إني ارحمها ..» هذه العلة أولى من قول من قال: إنما كان يدخل عليها لأنها كانت محرما له، والنبي ﷺ كان يجبر قلب أم سليم بزيارتها، ويعلل ذلك بأن أخاها قتل معه، ففيه أنه خلفه في أهله بخير بعد وفاته، وذلك من حسن عهده ﷺ. انظر: فتح الباري (ج ٦ ص ٦٠).
(^٢) صحيح البخاري، ك/الجهاد والسير، ب/فضل من جهز غازيا أو خلفه بخير، (ر/٢٦٨٩). وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/من فضائل أم سليم ابن أنس بن مالك، (ر/٢٤٥٥).
(^٣) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/مناقب أبي طلحة ﵁، (ر/٣٦٠٠). وصحيح مسلم، ك/الجهاد والسير، ب/غزوة النساء مع الرجال، (ر/١٨١١).
(^٤) ثبج البحر: أي يركبون ظهر البحر، انظر: فتح الباري (ج ١١ ص ٧٦).
1 / 21
فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت (^١).
وأم سليط بنت عبيد …، قال عمر بن الخطاب: كانت تزفر لنا القرب يوم أحد، وحفظ لها ذلك حين قسم مروطا بين نساء أهل المدينة، فبقي مرط جيد، فقال له بعض من عنده: يا أمير المؤمنين أعط هذا بنت رسول الله ﷺ التي عندك، يريدون أم كلثوم بنت علي، فقال عمر، أم سليط أحقّ به (^٢).
وأم عمارة، وأم منيع، وهما المرأتان اللتان بايعتا النبي ﷺ في ليلة العقبة الثانية مع وفد الأنصار (^٣).
ومن حلفاء الخزرج أيضا: عبد الله بن سلام بن الحراث، من بني إسرائيل، من سبط: يوسف ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلّى الله عليهم أجمعين، وهو حليف لبني قوقل-واسمه غنم-بن عوف،
﴿وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ﴾ (^٤).
ومن موالي الخزرج أيضا: أبو عمرة سيرين، وأبو الحسن بن الحسن البصري وذريتهما، وهما من موالي بني عدي بن النّجّار بن ثعلبة بن عمرة بن الخزرج.
ومن هنا نلاحظ ما حفظه لنا القرآن الكريم والسنة المطهرة وكتب الأخبار، من صور مشرقة للأنصار المؤمنين حقا الذين نصروا الله ورسوله، وأظهروا الدين وآووا
_________
(^١) صحيح البخاري، ك/الجهاد والسير، ب/الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء، (ر/٢٦٣٦). وصحيح مسلم، ك/الإمارة، ب/فضل الغزو في البحر، (ر/١٩١٢).
(^٢) فتح الباري (ج ٧ ص ٢٦١).
(^٣) فتح الباري (ج ٧ ص ٢٦١).
(^٤) صحيح البخاري، ك/فضائل الصحابة، ب/مناقب عبد الله بن سلام ﵁، (ر/٣٦٠١)، وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/من فضائل عبد الله بن سلام ﵁، (ر/٢٤٨٣)، والآية في سورة الأحقاف، رقم ١٠.
1 / 22
الرسول ﷺ وصحابته الكرام ﵃ وأرضاهم أجمعين، وسبقوا إلى إجابة الدعوة، وبذلوا المهج واحتسبوا الأجر في طاعة ربهم ﷿.
﴿يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ﴾ (^١).
وحذر المجتمع الإسلامي من اتخاذ الأنساب مجالا للتعالي والتكبر والفخر والطعن في الأنساب وغاية لقطع الأرحام ودعوى الجاهلية. ومن الآيات الكريمة التي تحدثت عن أهمية النسب وصلته بتعاليم الإسلام الخالدة ما يلي:
_________
(^١) سورة الحجرات، الآية ١٣.
1 / 23
قوله ﷾: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾ (٥٤) (^١).
﴿فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (١٠٢) (^٢).
﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ﴾ (٢٣) (^٣).
ومع هذه الدعوة الصادقة والصريحة من الكتاب العزيز لمعرفة الأنساب التي تؤدي إلى صلة الأرحام وذوي القربى ..، والابتعاد عن التفاخر والتعصب الذين يقودان إلى الفساد والضلال الجاهلي، فإن الرسول الكريم ﷺ ما زال يحضّ الناس أيضا على تعلم الأنساب وحفظها والاهتمام بها.
فعن أبي هريرة ﵁ قال:
قال النبي ﷺ: «تعلّموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرّحم محبة في الأهل مثراة في المال، منسأة في الأثر» (^٤).
وعن ابن عباس ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «اعرفوا أنسابكم تصلوا أرحامكم، فإنه لا قرب بالرحم إذا قطعت، وإن كانت قريبة، ولا بعد بها إذا وصلت وإن كانت بعيدة» (^٥).
_________
(^١) سورة الفرقان، الآية ٥٤.
(^٢) سورة المؤمنون، الآية ١٠١ - ١٠٢.
(^٣) سورة محمّد، الآية ٢٢ - ٢٣.
(^٤) سنن الترمذي، ك/البر الصلة، ب/تعلم النسب، (ر/١٩٧٩)، والمستدرك للحاكم، ك/البر والصلة، (٤/ ١٦١) وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه. وسلسلة الأحاديث الصحيحة، للألباني (ر/٢٧٦).
(^٥) مسند أبي داود الطيالسي (ر/٢٧٥٧) عن سعيد عن ابن عباس ﵃، والمستدرك للحاكم، ك/البر والصلة (٤/ ١٦١) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، للألباني (ر/٢٧٧).
1 / 24
وعن أنس بن مالك ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من سره أن يبسط له رزقه أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه» (^١).
فجعل غاية تعلم الأنساب صلة الأرحام وذوي القربى، لا التفاخر والطعن بالأنساب والأحساب، ودعا الرسول ﷺ إلى التمسك بها-أي تعلم الأنساب- والابتعاد عن ادعائها.
وعن أبي ذر ﵁ قال: قال النبي ﷺ: «ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار» (^٢).
وعن جابر بن عبد الله ﵁ قال: قال النبي ﷺ: «ما بال دعوى أهل الجاهلية …، دعوها فإنها خبيثة» (^٣).
وكان نبينا محمّد ﷺ على معرفة ودراية بالأنساب فقد ساق نسبه حتى (عدنان) (^٤)، وكان يحب أن لا يسبّ نسبه وكان ذلك حين استأذنه حسّان بن ثابت في هجاء المشركين-أي من قريش-قال: «كيف بنسبي»؟، فقال حسّان: لأسلّنّك منهم كما تسلّ الشّعرة من العجين (^٥).
وقال ابن عباس: كان النبي ﷺ «ينادي بطون قريش- ويدعوهم قبائل قبائل» (^٦)، ويعرف ﷺ أنساب قبائل العرب وربما نسب بعض أصحابه،
_________
(^١) صحيح البخاري، ك/البيوع، ب/من أحب البسط في الرزق، (ر/١٩٦١)، وصحيح مسلم، ك/البر والصلة، ب/صلة الرحم وتحريم قطيعتها، (ر/٢٥٥٧).
(^٢) صحيح البخاري، ك/المناقب، ب/نسبة اليمن إلى إسماعيل، (ر/٣٣١٧)، وصحيح مسلم، ك/الإيمان، ب/بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم، (ر/٦١).
(^٣) صحيح البخاري، ك/المناقب، ب/ما ينهى من دعوى الجاهلية (ر/٣٣٣٠)، وصحيح مسلم، ك/البر والصلة والآداب، ب/نصر الأخ ظالما أو مظلوما (ر/٢٥٨٤).
(^٤) صحيح البخاري، ب/مبعث النبي ﷺ (ج ٣ ص ١٣٩٨).
(^٥) صحيح البخاري، ك/المناقب، ب/من أحب أن لا يسب نسبه، (ر/٣٣٣٨)، وصحيح مسلم، ك/فضائل الصحابة، ب/فضائل حسان بن ثابت ﵁ (ر/٢٤٩٠).
(^٦) صحيح البخاري، ك/المناقب، ب/من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية، (ر/٣٣٣٥).
1 / 25