Al-Akhbār al-Mawaffiqiyyāt liʾl-Zubayr b. Bakkār
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار
Editor
سامي مكي العاني
Publisher
عالم الكتب
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٦هـ-١٩٩٦م
Publisher Location
بيروت
فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالُ، قَالَ الْمَأْمُونُ لِيَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ: اخْرُجْ بِنَا نَنْظُرُ هَذَا الْمَالَ، فَخَرَجَا حَتَّى أَصْحَرَا وَوَقَفَا يَنْظُرَانِ إِلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ هُيِّئَ بِأَحْسَنِ هَيْئَةٍ، وَحُلِّيَتْ أَبَاعِرُهُ، وُأُلْبِسَتِ الإِحْلاسُ الْمُوَشَّاةُ، وَالْجِلالُ الْمَصْبُوغَةُ، وَقُلِّدَتِ الْعِهَنُ، وَجُعِلَتِ الْبِدُورُ مَنَ الْحَرِيرِ الأَحْمَرِ وَالأَخْضَرِ وَالأَصْفَرِ، وَأُبْدِيَتْ رُؤُوسُهَا، قَالَ: فَنَظَرَ الْمَأْمُونُ إِلَى شَيْءٍ حَسَنٍ، وَاسْتَكْثَرَ ذَلِكَ الْمَالَ، وَعَظُمَ فِي عَيْنِهِ، وَاسْتَشْرَفَهُ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَيَعْجَبُونَ مِنَهُ، قَالَ: فَقَالَ الْمَأْمُونُ لِيَحْيَى: يَا أبَا مُحَمَّدٍ، يَنْصَرِفُ أَصْحَابُنَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ تَرَاهُمْ إِلَى مَنَازِلِهِمْ خَائِبِينَ وَنَنْصَرِفُ نَحْنُ بِهَذِهِ الأَمْوَالِ قَدْ مَلَكْنَاهَا دُونَهَمْ! إِنَّا إِذًا لَلِئَامٌ، ثُمَّ دَعَا مُحَمَّدَ بْنَ يَزْدَادَ، فَقَالَ: وَقِّعْ لِفُلانٍ بِأَلْفِ أَلْفٍ، وَلِفُلانٍ بِمِثْلِهَا، وَلِفُلانٍ بِثَلاثِمِائَةِ أَلْفٍ، وَلِفُلانٍ بِمِثْلِهَا.
قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنْ زَالَ كَذَلِكَ حَتَّى فَرَّقَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَرِجْلُهُ فِي رِكَابِهِ.
ثُمَّ قَالَ: ادْفَعِ الْبَاقِيَ إِلَى الْمُعَلَّى لِعَطَاءِ جُنْدِنَا، قَالَ: فَقَالَ الْعَيْشِيُّ: فَجِئْتُ حَتَّى قُمْتُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ فَلَمْ أَرُدَّ طَرْفِي عَنْهُ، فَجَعَلَ لا يَلْحَظُنِي إِلا رَآنِي بِتِلْكَ الْحَالِ.
فَقَالَ: يَا أبَا مُحَمَّدٍ، وَقِّعْ لِهَذَا بِخَمْسِينَ أَلَفَ دِرْهَمٍ مِنِ السِّتَّةِ الآلافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لا يَخْتَلِسُ نَاظِرِي.
قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ عَلَيَّ لَيْلَتَانِ حَتَّى أَخَذْتُ الْمَالَ ".
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمِ: قَالَ: لمَّا سَارَ الْمَأْمُونُ إِلَى دِمَشْقَ ذَكَرُوا لَهُ أَبَا مُسْهِرٍ الدِّمَشْقِيَّ وَوَصَفُوهُ بِالْعِلْمِ وَالْفِقْهِ، فَوَجَّهَ مَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: كَمْا قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦] قَالَ: أَمَخْلُوقٌ، أَمْ غَيْرُ مَخْلَوقٍ؟ قَالَ: مَا يَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: يَقُولُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ.
قَالَ: بِخَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ، أَوْ عَنِ الصَّحَابَةَ، أَوْ عَنِ التَّابِعِينَ، أَوْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ؟، قَالَ: بِالنَّظَرِ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، نَحْنُ مَعَ الْجُمْهُورِ الأَعْظَمِ، أَقُولُ بِقَوْلِهِمُ، وَالْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.
قَالَ: يَا شَيْخُ، أَخْبِرْنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَكَانَ يُشْهِدُ إِذَا تَزَوَّجَ؟ قَالَ: لا أَدْرِي.
قَالَ: اخْرُجْ، قَبَّحَكَ اللَّهُ، وَقَبَّحَ مَنْ قَلَّدَكَ دِينُهُ وَجَعَلَكْ قُدْوَةً
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الأَنْمَاطِيُّ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ الْعَشَرَةِ، قَالَ: " تَغَدَّيْنَا فِي يَوْمِ عِيدٍ مَعَ الْمَأْمُونِ، فَأَظُنُّهُ قَدْ وَضَعَ عَلَى الْمَائِدَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِمِائَةِ لَوْنٍ.
1 / 3