Al-Akhbār al-Mawaffiqiyyāt liʾl-Zubayr b. Bakkār
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار
Editor
سامي مكي العاني
Publisher
عالم الكتب
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٦هـ-١٩٩٦م
Publisher Location
بيروت
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، قَالَ: " إِنَّ مَلِكَ الرُّومِ بَعَثَ رَسُولا دَاهِيَةً مُنَكَّرًا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي جَعْفَرِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ، وَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ وَأَلْطَافٍ وَطَرَائِفَ، فَأَمَرَ عُمَارَةَ بْنَ حَمْزَةَ أَنْ يَرْكَبَ مَعَهُ إِلَى الْمَهْدِيِّ بَالرُّصَافَةِ، فَخَرَجَ، حَتَّى إِذَا كَانَ عَلَى الْجِسْرِ نَظَرَ الرُّومِيُّ إِلَى زَمْنَى عَلَى الْجِسْرِ يَتَصَدَّقُونَ، فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لِهَذَا، يَعْنِي عِمَارَةَ: الَّذِي عِنْدَكُمْ زَمْنَى يَتَصَدَّقُونَ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِكَ أَنْ يَرْحَمَ هَؤُلاءِ مِنْ زَمَانَتِهِمْ، وَيَكْفِيهِمْ مَئُونَةَ أَنْفُسِهِمْ وَعِيَالاتِهِمْ، وَلا يَحْمِلُ عَلَيْهِمُ الْفَقْرَ وَالْحَاجَةَ مَعَ الزَّمَانَةِ.
فَقَالَ عُمَارَةُ: قُلْ لَهُ: إِنَّ الأَمْوَالَ لا تَسَعُهُمْ.
وَمَضَى إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ الرُّومِيُّ، وَرَدَّهُ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: كَذَبْتَ لَيْسَ الأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتَ، الأَمْوَالُ وَاسِعَةٌ لَهُمْ، وَلَكِنَّ عُذْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ مَا وَصَفْتَ.
ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرُّومِيِّ، فَقَالَ: قَدْ بَلَغَنِي مَقَالَتُكَ لِرَسُولِي، وَرَدُّهُ عَلَيْكَ، وَكَذَبَ، الأَمْوَالُ وَاسِعَةٌ تَسَعُهُمْ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَسْتَأْثِرَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ وَأَهْلِ سُلْطَانِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْفَضْلِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَأَحَبَّ أَنْ يُشْرِكُوهُ فِي أُجُورِ الزَّمْنَى وَالْمَسَاكِينِ، وَأَنْ يُنِيلُوهُمْ مِنْ ذَاتِ أَيْدِيهِمْ وَمَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الرِّزْقِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ نَجَاةً لَهُمْ فِي آخِرَتِهِمْ، وَسَعَةً عَلَيْهِمْ فِي دُنْيَاهُمْ، وَتَمْحِيصًا لِذُنُوبِهِمْ.
فَقَالَ الرُّومِيُّ بِيَدِهِ، وَعَقَدَ ثَلاثِينَ، وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ، قَالَ: وَإِنَّ هَذَا، أَيْ: جَيِّدٌ، هَذَا هُوَ الْحَقُّ
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَلَوِيُّ، صَلَّى عَلَيْهِ الْمَأْمُونُ، وَكُنْتُ قَرِيبًا مِنْهُ، وَدَخَلَ قَبْرَهُ، وَعَلَيْهِ سَيْفُهُ وَقَلَنْسُوَتُهُ وَطَيْلَسَانُهُ، وَأَخَذَ بِرَأْسِهِ، فَأَعَانُوهُ حَتَّى وَضَعَهُ فِي لَحْدِهِ، وَرَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ عَلَى خَدِّهِ، وَكَانَ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْكِرَامِ الْجَعْفِيُّ، فَكَلَّمَهُ لَمَّا رَأَى مِنْ رِقَّتِهِ، وَذَكَرَ حَاجَتَهُمْ، فَغَضِبَ الْمَأْمُونُ، وَقَالَ: هَذَا مَوْضِعُ ذَا! وَانْقَطَعَ بُكَاؤُهُ، فَقَالَ: هَا هُنَا وُلِدَ الرَّشِيدُ وَوُلِدَ الْهَادِي وَوُلِدَ الْمَهْدِيُّ وَوُلِدَ الْمَنْصُورُ، فَإِذَا نَظَرْتُ فِي أَمْرِهِمْ، وَأَصْلَحْتُ شَأْنَهُمْ فَأَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهُمْ أَوْلَى بِهَذَا مِنْكَ
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُتْبِيُّ، قَالَ: جَاءَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الصَّنْعَةِ، فَقَالَ: اذْكُرْنِي لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي يَوْمٍ وَبَعْضِ يَوْمٍ آخَرَ.
1 / 16