Akhbar Muwaffaqiyyat
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار
Investigator
سامي مكي العاني
Publisher
عالم الكتب
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤١٦هـ-١٩٩٦م
Publisher Location
بيروت
فَقَالَ: ادْخُلْ فَدَخَلَ، فَقَالَ: أَأَنْتَ الصَّقْبُ؟ قَالَ: لا وَلَكِنِّي الْحَارِثُ بْنُ مَازِنٍ النَّهْدِيُّ.
قَالَ: اجْلِسْ وَدَعَا بِلَبَنٍ فشَرِبَ، ثُمَّ قَالَ: نَوِّهْ بِإِذِنِ الصَّقْبِ.
فَنَوَّهَ بِهِ، فَدَخَلَ فَلَمَّا رَآهُ النُّعْمَانُ ازْدَرَاهُ، وَنَبَتْ عَيْنُهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَأَنْتَ الصَّقْبُ؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ.
قَالَ: أَبَيْتَ اللَّعْنَ، الرَّجَالُ لَيْسَ بِمُسُوكِ يُسْتَقَى فِيهَا الْمَاءُ، وَإِنَّمَا الْمَرْءُ بِأَصْغَرَيْهِ: قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ، إِذَا نَطَقَ نَطَقَ بِبَيَانٍ، وَإِذَا قَاتَلَ قَاتَلَ بِجَنَانِ.
قَالَ: إِنَّهُ لَكَمَا تَقُولُ، فَكَيْفَ نَظَرُكَ فِي الأُمُورِ؟ قَالَ: أَنْقُضُ فِيهَا الْمَفْتُولَ، وَأُبْرِمُ مِنَهَا الْمَسْحُولَ، وَأَحُلُّهَا إِلَى أَنْ تَحُولَ، ثُمَّ أَنْظُرُ إِلَى مَا تَحُولُ، وَلَيْسَ لَهَا بِصَاحِبٍ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظَرٌ فِي الْعَوَاقَبِ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْفَقْرِ الْحَاضِرِ، وَالْعَجْزِ الظَّاهِرِ.
قَالَ: الْفَقْرُ الْحَاضِرُ، الْمَرْءُ لا تَسْتَغْنِي نَفْسُهُ، وِإِنْ كَانَ ذَهَبًا جَلِيسُهُ، فَأَمَا الْعَجْزُ الظَّاهِرُ، فَالشَّابُّ الضَّعِيفُ، اللَّزُومُ لِلْحَلِيلَةِ، التَّبُوعُ لَهَا، الَّذِي يَحُومُ حَوْلَهَا، إِنْ غَضِبَتْ أَرْضَاهَا، وَإِنْ رَضِيَتْ فَدَاهَا، فَذَاكَ الَّذِي لا كَانَ، وَلا وَلَدَتِ النَّسِاءُ مِثْلَهُ.
قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّوْءَةِ السَّوْءَاءِ وَالدَّاءِ الْعَيَاءِ.
قَالَ: السَّوْءَةُ السَّوْءَاءُ الْحَلِيلَةُ السَّلِيطَةُ، السَلْفَعُ الْقَصِيرَةُ، الَّتِي تَغْضَبُ مِنْ غَيْرِ غَضَبٍ، وَتَعْجَبُ مَنْ غَيْرِ عَجَبٍ، فَصَاحِبُهَا لا يَنْعَمُ بَالُهُ، وَلا يِصْلُحُ حَالَهُ، إِنْ كَانَ مُقِلا عَيَّرَتْهُ، وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ لَمْ يَنْفَعْهُ مَالُهُ، فَتِلْكَ الَّتِي أَرَاحَ اللَّهُ مِنْهَا بَعْلَهَا، وَلا مَتَّعَ بِهَا أَهْلَهَا، وَأمَّا الدَّاءُ الْعَيَاءُ، فَجَارُ السُّوءِ، الَّذِي إِنْ خَالَطْتَهُ ظَلَمَكَ، وَإِنْ غِبْتَ عَنْهُ سَبَعَكَ، وَإِنْ قَاوَلْتَهُ بَهَتَكَ.
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ جَارَكَ، فَأَخْلِ لَهُ دَارَكَ، وَعَجِّلْ مِنْهُ فَرَارَكَ، فَإِنْ ضَنِنْتَ كُنْتَ كَالْكَلْبِ الْهَرَّارِ، فَأَقَمْتَ بِذُلٍّ وَصَغَارِ وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ لِصَّحَارٍ الْعَبْدِيِّ، وَكَانَ أَزْرَقَ: " يَا أَخَا عَبْدِ الْقَيْسِ.
قَالَ: عَلَى ذَاكَ قُطِعَ سَيْرِي، يَعْنِي: قِلادَتهُ، وَمَا عَبْدُ الْقَيْسِ عَلَيَّ بِعَارٍ.
قَالَ: يَا أَحْمرُ.
قَالَ: الذَّهَبُ أَحْمَرُ.
قَالَ: يَا أَزْرَقُ.
قَالَ: الْبَازِيُّ أَزْرَقُ.
قَالَ: أَنْتُمْ أَخْطَبُ الْعَرَبِ؟ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَيُقَالُ.
قَالَ: فَمَا الْخَطِيبُ فِيكُمْ؟ قَالَ: مَنْ رَدَّ بِقَلِيلِ الَجْوَابِ كَثيرَ النُّطْقِ.
قَالَ: مَا هَذِهِ الْبَلاغَةُ فِيكُمْ؟ قَالَ: كَلامٌ يَعْتَلِجُ عَلَى قُلُوبِنَا فَنَقْذِفُهُ كَمَا يَقْذِفُ الْبَحْرُ الْمَوْجَ.
قَالَ: فَمَا الإِبْلاغِ؟ قَالَ: أَنْ تُسْرِعَ فَلا تُبْطِئ، وَتَقُولَ فَلا تُخْطِئ ".
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: " كَانَ يُقَالُ: اتَّقِ الْقُرَشِيَّ مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عِنْدَكَ يَدٌ، فَإِذَا كَانَتْ لَهُ عِنْدَكَ يَدٌ فَأْمَنْهُ فَإِنَّهُ لا يُكَدِّرُهَا
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ: " كَانَ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ النَّاجِيُّ قَاضِيًا، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَجُلانِ، ادَّعَى أَحَدَهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ كَفَالَةً، فَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا كَفِيلٌ، وَلَيْسَ الْحَقُّ عَلَيَّ.
1 / 148