المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين، وبعد:
لقد خص الله تعالى المدينة النبوية بفضل عظيم حيث جعلها ثانية الحرمين ودار هجرة نبيه (وحصن نصرته ومنطلق نور الإيمان إلى مختلف نواحي الأرض، وكان مسجدها ثاني المساجد التي تشد إليها الرحال، فيه الروضة المطهرة التي هي من رياض الجنة.
وقد بدأ اشتغال مؤرخي المسلمين بكتابة سيرة الرسول صلوات الله عليه وسلامه، وحولها تفجرت ينابيع أفكارهم فقدمت مادة تاريخية غزيرة عن المدينة المنورة مهاجر الرسول صلى الله عليه وسلم ومقامه.
وتجلت هذه المادة التاريخية في وصف الأماكن والأحداث التي كانت لها علاقة بالرسول الكريم (في المدينة، وكذلك الحال بالنسبة لكتب المغازي فقد وردت فيها أخبار عن بعض الأماكن التي مر عليها بجيش الإسلام في طريقه إلى غزواته.
وعندما ازدهرت الحركة العلمية عند المسلمين في القرن الثاني الهجري ظهر نوع جديد من الكتابة التاريخية، وهو التأريخ للمدن الإسلامية، ومكة والمدينة أقدسها عندهم فكانت عنايتهم بمكة المكرمة والمدينة المنورة فائقة، واهتم بها المؤرخون من حجازيين وغيرهم.
وقد كانت عناية المؤرخين بالمدينة المنورة كبيرة بداية من القرن الثاني الهجري، وكيف لا يكون ذلك وهي طيبة المختارة معقل الإسلام والمسلمين، ومنها انتشرت دعوة الله - عز وجل - في جميع البلاد فكان لها فخر نصرة النبي صلى الله عليه وسلم ونشر دينه مما جعل تاريخها حافلا بالمكرمات، حيث كان للنبي (أثر في كل بقعة منها.
Page 5