الشيعي وتنظيم صفوفه. وأرى أن خبر النوفلي يرمي إلى الحط من الزيديّة في الإطار الذي يتبعه أصحاب المذاهب المتنافسة، وإلى اتهامهم بالعمل مع السلطة.
وقد كانت مسألة العمل مع الإمام غير الشرعي، أو الجائر، تشغل الشيعة في ذلك الوقت وكانت موضع نقاش واستفتاءات شرعية، ونحن نعلم أن بعض الشيعة ممن يقول بالإمامة قد قبل مناصب في الدولة كما تدل حالة علي بن يقطين (-١٨٢/ ٧٩٨) [١]. وقد يكون خبر النوفلي هذا من قبيل تبرير عمل أصحابه تحت لواء الدولة العبّاسيّة. ونحن لا نجد في كتب الزيديّة الفقهيّة المتأخرة ما يشير إلى أن هذه المسألة كانت تقلقهم. ولا نستبعد أن يكون بعض الشيعة ممن يميلون للزيديّة قد قبلوا بالعمل مع السلطان وتولّوا بعض المناصب المهمة، وسوف نرى أن أحد عمّال العباسيين على مصر، وكان ممّن يميل للزيديّة، قد سهل فرار إدريس إلى المغرب بعد هرويه من موقعة فخ، ولا ننسى أن بعض اتجاهات البترية لم تكن تقول بالخروج.
ولا نستبعد أن يكون المهدي قد اتّبع سياسة تولية بعض الزيديّة من ذوي الاتجاهات المهادنة للسلطة مناصب في الدولة وأن يكون قد استرضاهم بالمال ليتسقّط عبرهم أخبار العلويين وليكشف مخططاتهم كما تدلّ حالة يعقوب بن داود، أما أن يكون قد بلغ في ذلك حد توليتهم «كل نفيس من أمور الخلافة» فهو أمر صعب التصديق. ويذكر الطبري في خبره عن النوفلي أن آل الحسن، استوحشوا من صنيع يعقوب. ويجدر التنبيه هنا على أنّ الطبري اعتمد في روايته عن الزيديّة أخبارا عباسيّة الهوى [٢]، علاوة على تعويله بشكل كبير على أخبار علي بن محمد النوفلي.
_________
[١] انظر W .Madelung،in:BSOAS ٣٤(٠٨٩١)،pp .٨١ - ١٣.:
[٢] انظر M .Jarrar،in:Asiatische Studien ٧٤(٣٩٩١)،p .١٩٢.:
1 / 34