Ajwibat Tusuli
أجوبة التسولي عن مسائل الأمير عبد القادر في الجهاد
Investigator
عبد اللطيف أحمد الشيخ محمد صالح
Publisher
دار الغرب الإسلامي
Edition Number
الطبعة الأولى
Publication Year
١٩٩٦
Genres
Fatwas
حصل للرسول من المرسل إليه مؤانسة وإحسان- والقلوب مجبولة على حبّ المحسن فقد يتولّد من ذلك: عدم إقدامه عليه بالكلام، حياء منه، وترك مقابلته بما يكره، وفاء له، ومداهنة ١ له في الجواب- حيث لا تليق المداهنة- فيحصل من ذلك خلل لا يخفى، فإن الإحسان يقيّد اللسان، وربما يتولّد من ذلك صداقة تؤدي: إلى أن يصير بطانة ٢ للعدوّ عند من أرسله، فيضره من حيث لا يشعر) ٣.
وكم من دولة: كان سبب زوالها، خيانة رسولها واستمالة قلبه- كما تقدّم- فإذا اختلفت الرسل، كان ذلك أوثق لنيل ما يرومه ٤ - اللهم-: إلاّ [٣٤/أ] أن يكون الرسول ممّن به ثقة- لا يداخلها شكّ- ولا ارتياب- فإن تكرر دخوله عليه.
ومن أعظم المكائد في الحروب- كما للطرطوشي، وابن النحاس، وغيرهما-: (الكمين- ولا تحصى كثرته وتعدّده- فان قدر على أن يجعل منه ثلاثة كمائن أو أكثر فليفعل، وهو: وان كان من عدد يسير، فانه إذا ظهر: أثر في القلوب رعبًا، وفي الأعضاء ضعفًا، وفي العقل خمودًا ٥، وفي الاقدام وقفة، ولا يدوم اقبال مقاتل- على خصمه، إلاّ إذا كان آمنًا من ورائه، ومتى جوّز أن يؤتى من خلفه تشتّتت همّته بين الدفع والقتال، وضعف جأشه عن مقاومة الرجال. وكم من عسكر: استبيحت بيضته ٦، وقلّ عزمه،
١ - من "دهن" أي: نافق. (الزاري- ترتيب القاموس المحيط: ٢/ ٢٢٦). ٢ - البطانة: هو صفي الرجل يكشف له عن أسراره، ويقال: "بطانة الثوب": ما يبطن به، وهى: خلاف ظهارته. (ابن منظور- لسان العرب: ٣٠٤، المعجم الوسيط: ١/ ٦١). ٣ - نقل نحوه الهروي فى "التذكرة الهروية في الحيل الحربية": ٧٥ - ٧٦، "في صفة الرسول الذي يرسله". ٤ - أي: يظلبه، يقال: "رام الشيء" طلبه. (الرازي- الصحاح: ٢١٠، المعجم الوسيط: ١/ ٣٨٥). ٥ - أي سكونًا، ويقال: "خمد فلان خمودًا" أي: سكن. (المعجم الوسيط:١/ ٢٥٤). ٦ - "البيضة": الخوذة الحديدية التي يلبسها الجنود والضباط في الحرب وفي التدريب الإجمالي ونحوهما. (شيت خطاب- المصطحات العسكرية: ١/ ١٠٣).
1 / 235