ودارت معارك بينهما آلت في النهاية إلى خذلان المولى مسلمة وضعفه وطرده إلى المشرق ١. قال السلاوي: (قال صاحب البستان: وهناك اجتمعت به- أي المولى مسلمة- في ضريح الشيخ "أبي مدين" ٢ "بالعبّاد" ٣ يعني حين قدم "تلمسان" ٤ مفارقًا للسلطان المولى سليمان.
وزعم أن المولى مسلمة لما اجتمع به لامه على تخذيل الناس عن بيعته، وحضه إيّاهم على بيعة أخيه المولى سليمان، قال: فبينت له حال المولى سليمان وما هو عليه من اتباع سيرة والده في العدل والرفق بالرعية، وبذلك أحبه الناس، فلما سمع كلامي بكى واعترف بالحق وتلا قوله تعالى: ﴿وَلَؤ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَفيبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَفيرِ﴾ ٥.
_________
١ - أنظر المعركة التي دارت بين المولى سليمان وأخيه مسلمة في بلاد الحياتيّة في: السلاوي- الاستقصا: ٨/ ٩١.
٢ - هو أبو مدين شعيب بن الحسن الأندلسي التلمساني، صوفي، من مشاهيرهم أصله من الأندلس أقام بفاس، وسكن "بجاية" وكثر اتباعه حتى خافه السلطان "يعقوب المنصور"، من كتبه "مفاتيح الغيب لإزالة الريب"، و"ستر العيب".
ذكر الزركلي: انه مخطوط في شستربتي "رقم ٣٢٥٩". مات بتلمسان سنة (٥٩٤هـ)، أنظر: التنبكتي- نيل الابتهاج: ١٢٧، مخلوف- شجرة النور: ١٦٤، الزركلي- أعلام: ٣/ ١٦٦.
٣ - العباد: قرية في الجزائر بالقرب من تلمسان: أسسّ فيها ملوك تلمسان مدرسة لا تزال قائمة.
أنظر: المنجد في الأعلام: ٣٣١.
٤ - تلمسان: وبعضهم يقول تنمسان بالنون عوض اللام بالمغرب، وهما مدينتان متجاورتان مسورتان احداهما قديمة والأخرى حديثة، والحديثة اختطّها الملثمون ملوك المغرب، واسمها "تافرزت"، فيها يسكن الجند وأصحاب السلطان، وأصناف من الناس، واسم القديمة "أقادير" يسكنها الرعية. أنظر: ياقوت الحموي- معجم البلدان: ٢/ ٤٤.
٥ - أنظر: السلاوي- الاسنقصا: ٨/ ٩٢. والآية من سورة الأعراف / ١٨٨، وتمامها: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَؤ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَفيبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَفيرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَؤمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.
1 / 21