وفي يوم السبت خامس شوال: تقدمت جموع الأتراك نحو باب السرو من أبواب شهارة وتابعوا الرمي مع ذلك بمدفعهم الهاون وغيره إلى بعض المراتب حتى أراد بعض من فيها الفرار عنها، وكادت الأتراك أن تدخل شهارة من باب السرو، فانتدب لدفعهم السيد المجاهد الكمي عبد الله بن حسين الشامي الحسني، والسيد المجاهد أحمد بن محمد حجر الحسني ونفران من القبائل المجاهدين، ففتحوا باب السرو، وبادروا الأتراك الذين حوله بالطعن والضرب والرمي، ورمى في ذلك الوقت أحمد أغا بالمدفع الإمامي فكانت قذيفته وسط جموع الأتراك، واستشهد الأربعة المتقدم ذكرهم من العرب حول باب السرو، وأغار الناس من شهارة نحو الباب، ففشلت الأتراك وانهزمت وقد أثخن الكثير منهم وتساقط جماعة منهم من تلك الشواهق. وفر يوسف باشا من الكهف الذي كان فيه، وتنمر العرب وخرجوا من شهارة يطاردون من بقي فيما حولها من الأتراك. ووقعت معارك عظيمة امتلأت البقاع منها بالقتلى. وفر فيضي في بعض الأتراك من العيازرة نحو سوق الثلوث على مسافة ثلاثة فراسخ من شهارة، فانثالت عليه القبائل من كل الجهات، ففر خوف الأسر إلى مدينة حبور، ثم إلى مدينة السودة، وقد ترك في جامع حبور الواسع جملة من الأثقال والمعدات والمرضى، وكان الأمر منه لبعض من في المراتب بالتسليم ليشغل العرب بقبض الأسلحة من عسكره عن مطاردته حتى وصل في فراره إلى بعض القرى بجبل عيال يزيد، وكانت شرذمة من الأتراك قد توجهت من عمران مع حمولة للأتراك فيها قريب عشرة آلاف ريال تريد إيصالها إلى مدينة السودة، فأحاطت بهم جماعة من قبيلة الأكهوم من جبل عيال يزيد فقتلوا جميع الأتراك إلا من فر وأخذوا جميع تلك الحمولة وبلغت القتلى في ضواحي شهارة إلى زيادة على ألف قتيل من الأتراك، واستولت العرب على المدافع الهاون والمدفع المنتل وغيرهما وعلى جملة من البغال والجمال وغيرها. وقيل أن القتلى في معارك شهارة وما تعقبها بلغت إلى ألفي قتيل من العجم. وفي بعض رسائل الإمام أن القتلى من الأتراك في يوم خامس شوال بلغت إلى نحو خمس عشرة مائة قتيل وأخذت أسلحة وأمتعة من قتل من ذلك الجبل، ثم أخرج بعضهم من أماكن قبضوها وأهبطوا من مراتب رتبوها بقتل كثير وما يزيد على ثلاثمائة أسير حتى إذا تكامل انهزامهم إلى الثلوث على نحو ثلاثة فراسخ من شهارة أتتهم الأجناد، فانهزم الباشا ومن معه إلى نجد حبور على مثل الفراسخ الأول. وقتل من جنوده ذلك اليوم ما أخبر المقللون أنه نيف على ستمائة قتيل وأخذت أسلحتهم وأمتعتهم ومدفعان إلى الأول، وانحاز منهم بقية في حصن الأبرق بين حبور والثلوث، فاجتمعت عليه الأقوام وقتل منهم ذلك اليوم الجم الغفير، وأخذت الناس ذهبا وبغالا وحميرا وجمالا..الخ.
أيقظ الله بنصره عيونا رقدت
عقيب انهزام فيضي والأتراك عن شهارة خطب في تلك الأيام من شهر شوال خطيب مقام الإمام القاضي حسين العرشي فقال في بعض خطبه بتلك الأيام:
Page 38