كان الإمام محمد بن إبراهيم من فضلاء أهل البيت (ع) في عصره، وقد دعا بالكوفة وبايعه الفضلاء من أهل البيت (ع) وكثير من العلماء بعد أن ألح عليه في الخروج بادئ الأمر (نصر بن شبيب) والذي توانى بعدها من نصرته، وحثه على الخروج بعد ذلك أبو السرايا (السري بن منصور الشيباني) والذي قاتل معه قتالا شديدا، وتمكن من السيطرة على الكوفة بعد وقعات كثيرة بينه وبين الجنود العباسيين والتي قتل منها الكثير، وأرسل الإمام محمد بن إبراهيم دعاته إلى كثير من الأمصار، فأرسل أخاه الإمام القاسم بن إبراهيم إلى مصر، وبايعه محمد بن جعفر الصادق، وعلي بن عبيد الله بن الحسين بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين سبط رسول الله، وكان خروجه ودعوته في أيام المأمون العباسي 198-218ه (1) وقد استشهد في أحد الوقعات، وطلب منه أبو السرايا أن يعهد إليه بوصيته، فأوصاه بتقوى الله، والذب عن دين الله، وتولية الخيرة من آل علي، فإن اختلفوا فالأمر إلى علي بن عبيد الله الحسيني والذي اعتذر بدوره عن تولي الأمر لخوفه من الانشغال بغيره، فوثب محمد بن محمد بن الإمام زيد وهو أصغرهم سنا ودعا إلى نفسه فبايعه الجميع، وفرق عماله على الأمصار، وقد كان رغم حداثة سنه عالما فاضلا، شجاعا مقداما.
ومما تجدر الإشارة إليه هنا هو تحري أئمة أهل البيت في أمر الله ودينه، وعدم حرصهم على الحكم لذاته بقدر حرصهم على استقامة شرع الله، فالإمام محمد بن إبراهيم يتحرى فيمن تكون بعده، ويترك أمر الاختيار على من يجب عليهم البيعة والنصرة لمن تصح فيه وإن لم يتفقوا فيزكي أفضل أهل زمانه وهو علي بن عبيدالله والذي يتحرج عن قبول الولاية خوف التقصير، ويبادر بالبيعة إلى من هو أصغر منه سنا مع من بايعه من الناس وهو الإمام محمد بن محمد بن زيد الذي شهد له الجميع بعلمه، وفضله، وبأسه، وشجاعته.
Page 34