قاتل الإمام يحيى بن عبد الله مع الإمام الحسين بن علي صاحب فخ وأصيب بجراحات كثيرة، وبعد وفاة موسى بن محمد الملقب الهادي (169-170ه) تولى أخوه هارون الملقب الرشيد(170-193)(1) والذي طالت فترة سيطرته على مقاليد الحكم أكثر من ثلاث وعشرين سنة، قضاها في اللهو واللذات المحظورة والغناء(2) وجمع أموال المسلمين، وتكوين الثروات الطائلة(3) وتوطيد أركان حكمه بالبذل والعطاء، وكان للمغنين والمغنيات في عهده أكثر العطايا، وتمكن في فترة حكمه الطويلة من قتل خلق كثير وخاصة من علماء وأئمة أهل البيت(4) ومطاردة الآخرين، وفي عهده هذا خرج الإمام يحيى بن عبد الله بعد أن تمكن من الفرار بعد مقتل الإمام الحسين بن علي الفخي متنقلا في بلدان كثيرة مهاجرا بدينه، فدخل إلى اليمن ومكث في صنعاء وأخذ عنه علماؤها، ثم ارتحل إلى السودان (بلاد الحبشة) وخرج منها مارا بمصر إلى بلاد الترك فلقيه ملكها بالإكرام وأسلم على يديه، وبث الإمام دعاته في الآفاق وجاءته كتبهم ببيعته، وبايعه كثير من العلماء ، وممن دعا إلى بيعته محمد بن إدريس الشافعي، وانتقل إلى بلاد الديلم عند ملكها حسنان الذي ناصره بادئ الأمر، وتمكن هارون الرشيد من إرسال أحد قادته (الفضل بن يحيى) الذي تمكن بحيلة وغدر من إقناع الملك بتسليم الإمام يحيى وأعاده إلى بغداد بعد أن أحضر له آلافا من العلماء ليشهدوا له بأن يحيى بن عبد الله عبد لهارون الرشيد، وقد أعطى هارون الرشيد المواثيق المشهودة من علماء وأناس كثير بالأمان ليحيى، وأحسن استقباله في بغداد بادئ الأمر، ثم سجنه وأطلق سراحه لينتقل إلى مكة، وتمكن حينها عبد الله بن مصعب بن الزبير - خصم يحيى- من الكيد بيحيى لدى هارون فأعاد سجنه إلى أن توفي بالسجن قتلا، وإن اختلف في كيفية قتله عام (176ه).
Page 30