154

Ahlam Min Abi

أحلام من أبي: قصة عرق وإرث

Genres

حاولت روث أن تلحقه بمدرسة داخلية، على أمل أن ذلك سيجعله يستقر. ولكن انتهى الأمر بديفيد هاربا ولم يره أحد لأشهر. وبالصدفة التقى به روي في مباراة رجبي. كان قذر الهيئة نحيف الجسد يتسول النقود من الغرباء. وعندما رأى روي أخذ يضحك ويتفاخر بحياته في الشوارع، يبيع الحشيش مع أصدقائه. وقد أخبره روي أن يعود إلى المنزل لكنه رفض؛ لذا فقد اصطحبه إلى شقته وأرسل لروث يخبرها أن ابنها بأمان وأنه يمكث عنده. وعندما سمعت روث بهذا شعرت بالارتياح لكنها استشاطت غضبا أيضا، وترجت ديفيد أن يعود، وعندما رفض مرة أخرى قبلت ضمنيا الاتفاق مع روي على أمل أن يغير ديفيد رأيه في النهاية.»

ارتشفت أوما من كوب الشاي الخاص بها. واستأنفت: «وفي ذلك الوقت توفي ديفيد. عندما كان يعيش مع روي. وقد فطر موته قلب الجميع، ولا سيما روي. فقد كانا مقربين حقا. لكن روث لم تفهم ذلك قط. فظنت أننا أفسدنا ديفيد. وسرقنا ابنها منها. ولا أظن أنها قد سامحتنا قط على ذلك.»

قررت أن أتوقف عن الكلام عن ديفيد بعد ذلك، ورأيت أن تلك الذكريات كانت أليمة للغاية على أوما. لكن بعد أيام قليلة عدت أنا وأوما إلى المنزل ووجدنا سيارة تنتظرنا خارج المبنى، وسلمها السائق الأسمر البشرة - الذي تبرز تفاحة آدم من عنقه بشدة - خطابا.

سألتها: «ما هذا؟»

فأجابت: «إنها دعوة من روث.» وتابعت: «فقد عاد مارك من أمريكا لقضاء الصيف. وتريد أن تدعونا على الغداء.» «أتريدين الذهاب؟»

هزت أوما رأسها وظهرت نظرة ازدراء على وجهها. وقالت: «إن روث تعرف أنني هنا منذ نحو ستة أشهر. وهي لا تهتم بي. السبب الوحيد في دعوتها لنا أنها تشعر بفضول تجاهك. وتريد أن تقارنك بمارك.»

فقلت بهدوء: «أظن أنه ربما يجب أن أذهب.»

نظرت أوما إلى الدعوة مرة أخرى، ثم أعادتها إلى السائق وقالت له شيئا باللغة السواحيلية. ثم قالت: «سنذهب نحن الاثنين»، ثم دخلنا إلى الشقة.

كانت روث تعيش في ويستلاندز وهي مقاطعة من المنازل الباهظة يفصل بينها مساحة كبيرة من الأعشاب والحواجز التي تتولى حراسة كل منها نقطة حراسة بها حراس يرتدون زيا بنيا موحدا. كانت السماء تمطر ونحن ذاهبون بالسيارة إلى المنزل، وترسل رذاذا رقيقا عبر الأشجار الكبيرة المورقة. وقد ذكرتني تلك البرودة بالشوارع حول بوناهو ومانوا وتنتالوس، وهي الشوارع التي كان يقطن بها بعض زملائي الأثرياء في هاواي. وفكرت وأنا أحدق من نافذة سيارة أوما في مشاعر الحسد التي كنت أشعر بها تجاه أولئك الزملاء كلما دعوني للعب في الأفنية الخلفية الواسعة لمنازلهم أو للسباحة في حمامات السباحة الخاصة بهم. وإلى جانب ذلك الحسد هناك انطباع مختلف: إحساس اليأس الهادئ الذي كانت تحويه تلك المنازل الجميلة الكبيرة. وصوت شقيقة أحدهم تبكي برفق خلف الباب. ومشهد إحدى الأمهات وهي تحتسي خلسة كأسا من الخمر القوي بعد الظهر. والتعبير على وجه الأب وهو يجلس وحده في غرفته، وملامحه المتحفزة وهو يقلب بين مباريات كرة القدم بين الجامعات التي تعرض في التليفزيون. إنه انطباع بالوحدة الذي من المحتمل ألا يكون صحيحا، فربما يكون إسقاطا من داخلي فقط، لكنه في كلتا الحالتين كان يجعلني أشعر برغبة في الهروب، مثلما فعل ديفيد الذي كان المحيط يفصل بيني وبينه، عائدا إلى السوق والشوارع المزدحمة، عائدا إلى الفوضى والضحكات التي تؤدي إليها تلك الفوضى، عائدا إلى نوع الألم الذي يستطيع صبي أن يفهمه.

وصلنا إلى أحد المنازل المتواضعة في المجمع، وأوقفنا السيارة عند منحنى طريق دائري. خرجت سيدة بيضاء، لها فك واسع وشعر بدأ في المشيب، من المنزل لتستقبلنا. وخلفها رجل أسود البشرة في مثل طولي ولون بشرتي، وشعره كثيف يطلقه على النمط الأفريقي، ويضع نظارة لها إطار بارز.

Unknown page