84

al-Ahkam al-sultaniyyat

الأحكام السلطانية

Publisher

دار الحديث

Publisher Location

القاهرة

وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ [التوبة: ٢] . وَأَمَّا الْأَمَانُ الْخَاصُّ فَيَصِحُّ أَنْ يَبْذُلَهُ كُلُّ مُسْلِمٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ حُرٍّ وَعَبْدٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: "الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ" ١، يَعْنِي: عَبِيدَهُمْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَصِحُّ أَمَانُ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقِتَالِ. فَصْلٌ: وَالْقِسْمُ السَّادِسُ مِنْ أَحْكَامِ هَذِهِ الْإِمَارَةِ: السِّيرَةُ فِي نِزَالِ الْعَدُوِّ وَقِتَالِهِ، وَيَجُوزُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ فِي حِصَارِ الْعَدُوِّ أَنْ يَنْصِبَ عَلَيْهِمْ الْعَرَّادَاتِ وَالْمَنْجَنِيقَات، قَدْ نَصَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ مَنْجَنِيقًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَهْدِمَ عَلَيْهِمْ مَنَازِلَهُمْ، وَيَضَعَ عَلَيْهِمْ الْبَيَاتَ وَالتَّحْرِيقَ، وَإِذَا رَأَى فِي قَطْعِ نَخْلِهِمْ وَشَجَرِهِمْ صَلَاحًا يَسْتَضْعِفُهُمْ بِهِ؛ لِيَظْفَرَ بِهِمْ عَنْوَةً أَوْ يَدْخُلُوا فِي السِّلْمِ صُلْحًا فَعَلَ، وَلَا يَفْعَلُ إنْ لَمْ يَرَ فِيهِ صَلَاحًا. قَدْ قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ كُرُومَ أَهْلِ الطَّائِفِ، فَكَانَ سَبَبًا فِي إسْلَامِهِمْ، وَأَمَرَ فِي حَرْبِ بَنِي النَّضِيرِ بِقَطْعِ نَوْعٍ مِنَ النَّخْلِ يُقَالُ لَهُ الْأَصْفَرُ، يُرَى نَوَاهُ مِنْ وَرَاءِ اللِّحَاءِ، وَكَانَتِ اللِّحَاءُ مِنْهَا أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنَ الْوَضِيعِ، فَقَطَعَ بِهِمْ وَحَزِنُوا لَهُ وَقَالُوا: إنَّمَا قَطَعْتُ نَخْلَةً وَأَحْرَقْتُ نَخْلَةً، وَلَمَّا قَطَعَ نَخْلَةً قَالَ سِمَاكٌ الْيَهُودِيُّ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُتَقَارِبِ: أَلَسْنَا وَرِثْنَا الْكِتَابَ الْحَكِيـ ... ـم عَلَى عَهْدِ مُوسَى فَلَمْ نُصْرَفْ وَأَنْتُمْ رِعَاءٌ لِشَاءٍ عِجَافٍ ... بِسَهْلِ تِهَامَةَ وَالْأَحْنَفِ يَرَوْنَ الرِّعَايَةَ مَجْدًا لَكُمْ ... كَذَا كُلُّ دَهْرٍ بِكُمْ مُجْحِفِ فَيَا أَيُّهَا الشَّاهِدُونَ انْتَهُوا ... عَنِ الظُّلْمِ وَالْمَنْطِقِ الْمُوكَفِ لَعَلَّ اللَّيَالِيَ وَصَرْفَ الدُّهُورِ ... تُدِيلُ مِنَ الْعَادِلِ الْمُنْصِفِ بِقَتْلِ النَّضِيرِ وَإِجْلَائِهَا ... وَعَقْرِ النَّخِيلِ وَلَمْ تُخْطَفْ فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ مِنَ الْوَافِرِ:

١ صحيح: رواه البخاري في كتاب الجزية "٣١٨٠"، وأبو داود في كتاب المناسك "٢٠٣٤"، والترمذي "٢١٢٧"، والنسائي في كتاب القسامة "٤٧٣٤"، وأحمد "٧٨٤".

1 / 91