فَصْلٌ: "هل يقرع بين مرشحين للخلافة"؟
وَإِذَا دَامَ الِاشْتِبَاهُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْكَشْفِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِأَحَدِهِمَا بِالتَّقَدُّمِ لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَهُمَا لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّ الْإِمَامَةَ عَقْدٌ، وَالْقُرْعَةُ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْعُقُودِ.
وَالثَّانِي: إنَّ الْإِمَامَةَ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِيهَا، وَالْقُرْعَةُ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِيمَا لَا يَصِحُّ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ كَالْمُنَاكِحِ، وَتَدْخُلُ فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ كَالْأَمْوَالِ، وَيَكُونُ دَوَامُ هَذَا الِاشْتِبَاهِ مُبْطِلًا لِعَقْدَيْ الْإِمَامَةِ فِيهِمَا، وَيَسْتَأْنِفُ أَهْلُ الِاخْتِيَارِ عَقْدَهَا لِأَحَدِهِمَا، فَلَوْ أَرَادُوا الْعُدُولَ بِهَا عَنْهُمَا إلَى غَيْرِهِمَا، فَقَدْ قِيلَ بِجَوَازِهِ لِخُرُوجِهِمَا عَنْهَا، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَةَ لَهُمَا قَدْ صَرَفَتِ الْإِمَامَةَ عَمَّنْ عَدَاهُمَا؛ وَلِأَنَّ الِاشْتِبَاهَ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَهَا فِي أَحَدِهِمَا.
فصل: "هل تنعقد الخلافة بولاية العهد"؟ وَأَمَّا انْعِقَادُ الْإِمَامَةِ بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ، وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَمْرَيْنِ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمَا وَلَمْ يَتَنَاكَرُوهُمَا: أَحَدُهُمَا: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ عَهِدَ بِهَا إلَى عُمَرَ ﵁ فَأَثْبَتَ الْمُسْلِمُونَ إمَامَتَهُ بِعَهْدِهِ١. _________ ١ قلت: الثابت تاريخيًّا أن أبا بكر ﵁ إنَّمَا رجع إلى أهل الحل والعقد في هذا الأمر وسألهم إن كانوا يرضون من يوليه عليهم فوافقوا جميعًا، لا أنه ولَّى عمر كما يزعم البعض ثم قبلت الأمة، فقد روي أنَّ أبا بكر لمَّا ثقل عليه المرض دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: أخبرني عن عمر بن الخطاب؟ فقال: ما تسألني عن أمرٍ إلّا وأنت أعلم به منِّي، فقال أبو بكر: وإن. فقال عبد الرحمن بن عوف: هو والله أفضل من رأي كثير، ثم دعا عثمان بن عفان فقال: أخبرني عن عمر، فقال: أنت أخبرنا به. فقال: على ذلك؟ فقال: اللهم علمي به أنَّ سريرته خير من علانيته، وأن ليس فينا مثله، وشاور معهما سعيد بن زيد، وأسيد بن حضير، وغيرهما من المهاجرين والأنصار.
فصل: "هل تنعقد الخلافة بولاية العهد"؟ وَأَمَّا انْعِقَادُ الْإِمَامَةِ بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ، وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِأَمْرَيْنِ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمَا وَلَمْ يَتَنَاكَرُوهُمَا: أَحَدُهُمَا: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ عَهِدَ بِهَا إلَى عُمَرَ ﵁ فَأَثْبَتَ الْمُسْلِمُونَ إمَامَتَهُ بِعَهْدِهِ١. _________ ١ قلت: الثابت تاريخيًّا أن أبا بكر ﵁ إنَّمَا رجع إلى أهل الحل والعقد في هذا الأمر وسألهم إن كانوا يرضون من يوليه عليهم فوافقوا جميعًا، لا أنه ولَّى عمر كما يزعم البعض ثم قبلت الأمة، فقد روي أنَّ أبا بكر لمَّا ثقل عليه المرض دعا عبد الرحمن بن عوف فقال: أخبرني عن عمر بن الخطاب؟ فقال: ما تسألني عن أمرٍ إلّا وأنت أعلم به منِّي، فقال أبو بكر: وإن. فقال عبد الرحمن بن عوف: هو والله أفضل من رأي كثير، ثم دعا عثمان بن عفان فقال: أخبرني عن عمر، فقال: أنت أخبرنا به. فقال: على ذلك؟ فقال: اللهم علمي به أنَّ سريرته خير من علانيته، وأن ليس فينا مثله، وشاور معهما سعيد بن زيد، وأسيد بن حضير، وغيرهما من المهاجرين والأنصار.
1 / 30