والجزاء وَالنَّفَلِ مِنْ الْغَنِيمَةِ، إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الدنيا. قال تَعَالَى (٣: ١٤٥ - وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها) . الثامن: أن يشاور ذوي الرأي فيما أعضل من الأمور، وَيَرْجِعَ إلَى أَهْلِ الْحَزْمِ فِيمَا أَشْكَلَ، لِيَأْمَنَ من الْخَطَأَ وَيَسْلَمَ مِنْ الزَّلَلِ، فَيَكُونَ مِنْ الظَّفَرِ أقرب. قال تعالى لنبيه ﷺ (٣: ١٥٩ - وشاروهم فِي الْأَمْرِ، فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) فقد أمره بالمشاورة مع ما أمدّه من التوفيق، وأعانه من التأييد. التاسع: أَنْ يَأْخُذَ جَيْشَهُ بِمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى من حقوقه، حتى لا يكون بينهم تجوّز في الدين. العاشر: أَنْ لَا يُمَكِّنَ أَحَدًا مِنْ جَيْشِهِ أَنْ يتشاغل بتجارة أو زراعة، يصرفه الاهتمام بها عن مصابرة العدو. ومن أَحْكَامِ هَذِهِ الْإِمَارَةِ مَا يَلْزَمُ الْمُجَاهِدِينَ مَعَهُ مِنْ حُقُوقِ الْجِهَادِ. وَهُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا يَلْزَمُهُمْ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَالثَّانِي: مَا يلزمهم في حق الأمير عليهم. أما اللَّازِمُ لَهُمْ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَأَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: مُصَابَرَةُ الْعَدُوِّ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجَمْعَيْنِ، وأن لا ينهزم عدد من مثليه فما دون. فقد كَانَ اللَّهُ تَعَالَى فَرَضَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُقَاتِلَ عَشَرَةً مِنْ الكفار، بقوله تعالى (٨: ٦٥ - الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا، فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مائتين، وإن يكن منكم ألفًا يغلبوا ألفين بإذن الله) . وَحَرَّمَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَنْهَزِمَ مِنْ مِثْلَيْهِ، إلَّا لِإِحْدَى حَالَتَيْنِ: إمَّا أَنْ يَتَحَرَّفَ لِقِتَالٍ، فَيُوَلِّي لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ لِمَكِيدَةٍ وَيَعُودُ إلَى قتالهم، وإما أن تيحيز إلى فئة أخرى أو متحيزًا إلى فئة قتالهم لقوله تَعَالَى (٨: ١٦ - وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بغضب من الله) . وسواء قربت الفئة التي تحيز إليها أو بعدت. فإن عجز عن
1 / 45