Al-Aḥkām al-Sulṭāniyya
الأحكام السلطانية
Publisher
دار الكتب العلمية - بيروت
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢١ هـ - ٢٠٠٠ م
Publisher Location
لبنان
وإن وجد فيمن يتصدى لعلم الشرع من ليس مِنْ أَهْلِهِ، مِنْ فَقِيهٍ أَوْ وَاعِظٍ، وَلَمْ يأمن اعترار النَّاسِ بِهِ فِي سُوءِ تَأْوِيلٍ، أَوْ تَحْرِيفِ جواب، أنكر عليه التصدي لما ليس مِنْ أَهْلِهِ، وَأَظْهَرَ أَمْرَهُ، لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ. وَمَنْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ لَمْ يَقْدَمْ عَلَيْهِ بالإنكار بعد الاختبار. وكذلك لَوْ ابْتَدَعَ بَعْضُ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ قَوْلًا خَرَقَ بِهِ الْإِجْمَاعَ وَخَالَفَ فِيهِ النَّصَّ وَرَدَّ قَوْلَهُ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ أَنْكَرَهُ عَلَيْهِ وَزَجَرَهُ عَنْهُ، فَإِنْ أَقْلَعَ وَتَابَ وَإِلَّا فَالسُّلْطَانُ بِتَهْذِيبِ الدِّينِ أحق. وإذا انفرد بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِتَأْوِيلٍ عَدَلَ فِيهِ عَنْ ظَاهِرِ التَّنْزِيلِ إلَى بَاطِنِ بِدْعَةٍ، متكلف لَهُ غَمْضَ مَعَانِيهِ أَوْ تَفَرَّدَ بَعْضُ الرُّوَاةِ بِأَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ تَنْفِرُ مِنْهَا النُّفُوسُ أَوْ يَفْسُدُ بِهَا التَّأْوِيلُ كَانَ عَلَى الْمُحْتَسِبِ إنْكَارُ ذَلِكَ. وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ مِنْهُ إنْكَارُهُ إذَا تَمَيَّزَ عِنْدَهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْفَاسِدِ وَالْحَقُّ مِنْ الْبَاطِلِ، وذلك من أحد وجهين: إما بأن يكون بقوته في العلم واجتهاده فيه، وَإِمَّا بِأَنْ يَتَّفِقَ عُلَمَاءُ الْوَقْتِ عَلَى إنْكَارِهِ وابتداعه فَيَعُولُ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى أَقَاوِيلِهِمْ، وَفِي الْمَنْعِ منه على اتفاقهم. وَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ بِالْمَحْظُورَاتِ فَهُوَ أَنْ يَمْنَعَ الناس من مواقف الريب ومظان التهمة ويقدم الإنكار،ولا يعجل بالتأديب قبل الإنذار. وإذا رأى وقوف رجل وامرأة فِي طَرِيقٍ سَابِلٍ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُمَا أَمَارَاتُ الرِّيَبِ لَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِمَا بِزَجْرٍ وَلَا إنْكَارٍ، فَمَا يَجِدُ النَّاسُ بُدًّا مِنْ هَذَا. وَإِنْ كان الوقوف في طريق خالية فخلو المكان ريبة فينكرها، ولا يعجل في التأديب.
1 / 293