ومن أحكام هذه الإمارة ما يلزم أَمِيرِ الْجَيْشِ فِي سِيَاسَتِهِمْ، وَاَلَّذِي يَلْزَمُهُ فِيهِمْ عشرة أشياء: أحدها: حراسته من غرّة يظفر بها العدو. وذلك بأن يتتبع المكامن فيحفظها عليهم ويحوط أسوارهم بحرس من يؤمنون به على أنفسهم ورحالهم، لِيَسْكُنُوا فِي وَقْتِ الدَّعَةِ، وَيَأْمَنُوا مَا وَرَاءَهُمْ في وقت المحاربة. الثاني: أن يتخير لهم المنازل - موضع نزولهم- لمحاربة عدوهم، بأن يكون أوطأ الأرض مكانًا، وأكثرها مَرْعًى وَمَاءً، وَأَحْرَسَهَا أَكْنَافًا وَأَطْرَافًا، لِيَكُونَ أَعْوَنَ لهم على المنازلة. الثالث: إعداد ما يحتاج إليه الجيش: من زاد وعلوفة، تفرق عليهم في أوقات الْحَاجَةِ حَتَّى تَسْكُنَ نُفُوسُهُمْ إلَى مَادَّةٍ يَسْتَغْنُونَ بها عن طلبهم، لِيَكُونُوا عَلَى الْحَرْبِ أَوْفَرَ" وَعَلَى مُنَازَلَةِ الْعَدُوِّ أقدر. الرابع: أن يعرف أخبار عدوه، حتى يقف عليهم، ويتصفح أحوالهم، فيأمن مكرهم، ويلتمس الغرّة في الهجوم عليهم. الخامس: ترتيب الجيش في مصاف الحرب، والتعويل من كُلِّ جِهَةٍ عَلَى مَنْ يَرَاهُ كُفُؤًا لَهَا، ويتفقد الصفوف من خلل فِيهَا، وَيُرَاعِي كُلَّ جِهَةٍ يَمِيلُ الْعَدُوُّ عَلَيْهَا بمدد يكون عونًا لها. السادس: أَنْ يُقَوِّيَ نُفُوسَهُمْ بِمَا يُشْعِرُهُمْ مِنْ الظَّفَرِ، ويخيل لهم مِنْ أَسْبَابِ النَّصْرِ، لِيَقِلَّ الْعَدُوُّ فِي أَعْيُنِهِمْ، فيكونون عليه أجرأ. قال تَعَالَى (٨: ٤٣ - إذْ يُرِيكَهُمْ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) .
السابع: أَنْ يَعِدَ أَهْلَ الصَّبْرِ وَالْبَلَاءِ مِنْهُمْ بِثَوَابِ الله، إن كانوا من أهل الآخرة،
1 / 44