79

Aḥkām al-Qurʾān li-Ibn al-ʿArabī

أحكام القرآن لابن العربي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

لَا يَرَاهُ بِمَا لَا مَطْعَن فِيهِ، وَهَذَا يُشِيرُ بِك إلَيْهِ، فَأَمَّا شَعْرُهُ فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي سُورَةِ النَّحْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٧٣] وَمَوْضِعُهَا سُورَةُ الْأَنْعَامِ.
[مَسْأَلَةُ حَقِيقَة الضَّرَرِ وَالْمُضْطَرِّ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ﴾ [البقرة: ١٧٣].
وَتَصْرِيفُهُ اُفْتُعِلَ مِنْ الضَّرَرِ، كَقَوْلِهِ: اُفْتُتِنَ مِنْ الْفِتْنَةِ، أَيْ: أَدْرَكَهُ ضَرَرٌ، وَوُجِدَ بِهِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِي حَقِيقَةِ الضَّرَرِ وَالْمُضْطَرِّ فِي كِتَابِ " الْمُشْكَلَيْنِ " بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ.
بَيَانُهُ: أَنَّ الضَّرَرَ هُوَ الْأَلَمُ الَّذِي لَا نَفْعَ فِيهِ يُوَازِيهِ أَوْ يُرْبِي عَلَيْهِ، وَهُوَ نَقِيضُ النَّفْعِ، وَهُوَ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُوصَفْ شُرْبُ الْأَدْوِيَةِ الْكَرِيهَةِ وَالْعِبَادَاتِ الشَّاقَّةِ بِالضَّرَرِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ النَّفْعِ الْمُوَازِي لَهُ أَوْ الْمُرْبِي عَلَيْهِ، وَحَقَّقْنَا أَنَّ الْمُضْطَرَّ هُوَ الْمُكَلَّفُ بِالشَّيْءِ الْمُلْجَأُ إلَيْهِ، الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ اسْمُ الْمُكْرَهِ إلَّا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الشَّيْءِ، وَمَنْ خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ فِعْلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ قُدْرَةٌ، كَالْمُرْتَعِشِ وَالْمَحْمُومِ، لَا يُسَمَّى مُضْطَرًّا وَلَا مُلْجَأً، وَأَشَرْنَا إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الْمُضْطَرُّ، وَقَدْ يَكُونُ [الْمُضْطَرُّ] الْمُحْتَاجُ، وَلَكِنَّ الْمُلْجَأَ مُضْطَرٌّ حَقِيقَةً، وَالْمُحْتَاجُ مُضْطَرٌّ مَجَازًا.
وَقَالَ الْجُبَّائِيُّ وَابْنُهُ: إنَّ الْمُضْطَرَّ هُوَ الَّذِي فَعَلَ فِيهِ غَيْرُهُ فِعْلًا، وَهَذَا تَنَازُعٌ

1 / 81