342

Aḥkām al-Qurʾān li-Ibn al-ʿArabī

أحكام القرآن لابن العربي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الثالثة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

[مَسْأَلَةٌ الرَّهْنَ إذَا خَرَجَ عَنْ يَدِ صَاحِبِهِ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣] يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ وَمُطْلَقِهِ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا خَرَجَ عَنْ يَدِ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ مَقْبُوضٌ صَحِيحٌ يُوجِبُ الْحُكْمَ وَيَخْتَصُّ بِمَا ارْتَهَنَ بِهِ دُونَ الْغُرَمَاءِ عِنْدَ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ وَغَيْرُهُ: لَا يَكُونُ مَقْبُوضًا إلَّا إنْ كَانَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ، وَإِذَا صَارَ عِنْدَ الْعَدْلِ فَهُوَ مَقْبُوضٌ لُغَةً مَقْبُوضٌ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْعِدْلَ نَائِبٌ عَنْ صَاحِبِ الْحَقِّ وَبِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ لَهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ.
[مَسْأَلَةٌ رَهْنِ الْمُشَاعِ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣] يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ وَمُطْلَقِهِ جَوَازَ رَهْنِ الْمُشَاعِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ رَهْنُهُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ افْتِقَارَ الرَّهْنِ بَلْ أَشَدَّ مِنْهُ، وَهَذَا بَيِّنٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ انْتِزَاع الرَّهْن بَعْد قَبَضَهُ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: إذَا قَبَضَ الرَّهْنَ لَمْ يَجُزْ انْتِزَاعُهُ مِنْ يَدِهِ خِلَافًا لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْتَزَعَهُ مِنْ يَدِهِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الصِّفَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ مِنْ الْقَبْضِ، وَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْحُكْمُ، وَهَذَا بَيِّنٌ ظَاهِرٌ.
[مَسْأَلَةٌ رَهْنُ الدَّيْنِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: كَمَا يَجُوزُ رَهْنُ الْعَيْنِ كَذَلِكَ يَجُوزُ رَهْنُ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا إذَا تَعَامَلَ رَجُلَانِ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ فَرَهَنَهُ دَيْنَهُ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ قَبَضَهُ قَبْضًا.
وَقَالَ غَيْرُنَا مِنْ الْعُلَمَاءِ: لَا يَكُونُ قَبْضًا، وَكَذَلِكَ إذَا وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ كَالِئَهَا لِزَوْجِهَا جَازَ، وَيَكُونُ قَبُولُهُ قَبْضًا، وَخَالَفَنَا فِيهِ أَيْضًا غَيْرُنَا مِنْ الْعُلَمَاءِ؛ وَمَا قُلْنَاهُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ آكَدُ قَبْضًا مِنْ الْمُعَيَّنِ؛ وَهَذَا لَا يَخْفَى.

1 / 344