Aḥkām al-Qurʾān li-Ibn al-ʿArabī
أحكام القرآن لابن العربي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الثالثة
Publication Year
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
[الْآيَة التَّاسِعَة وَالثَّمَانُونَ قَوْله تَعَالَى يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ]
الْآيَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّمَانُونَ قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٨٢]
هِيَ آيَةٌ عُظْمَى فِي الْأَحْكَامِ، مُبَيِّنَةٌ جُمَلًا مِنْ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَهِيَ أَصْلٌ فِي مَسَائِلِ الْبُيُوعِ، وَكَثِيرٍ مِنْ الْفُرُوعِ، جِمَاعُهَا عَلَى اخْتِصَارٍ مَعَ اسْتِيفَاءِ الْغَرَضِ دُونَ الْإِكْثَارِ فِي الثِّنْتَيْنِ وَخَمْسِينَ مَسْأَلَةً:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي حَقِيقَةِ الدَّيْنِ: هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ مُعَامَلَةٍ كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِيهَا نَقْدًا وَالْآخَرُ فِي الذِّمَّةِ نَسِيئَةً، فَإِنَّ الْعَيْنَ عِنْدَ الْعَرَبِ مَا كَانَ حَاضِرًا، وَالدَّيْنُ مَا كَانَ غَائِبًا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَعَدَتْنَا بِدِرْهَمَيْنَا طِلَاءً ... وَشِوَاءً مُعَجَّلًا غَيْرَ دَيْنِ
وَالْمُدَايَنَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَرْضَاهُ وَالْآخَرُ يَلْتَزِمُهُ، وَقَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [البقرة: ٢٨٢]
[مَسْأَلَةٌ مَا يَتَنَاوَلهُ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [البقرة: ٢٨٢] يَدْخُلُ تَحْتَهُ الْمَهْرُ إلَى أَجَلٍ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَيَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ
1 / 327