Aḥkām al-Qurʾān li-Ibn al-ʿArabī
أحكام القرآن لابن العربي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الثالثة
Publication Year
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
[مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:
قَوْله تَعَالَى: ﴿مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٦٧] قَالَ عُلَمَاؤُنَا: قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا كَسَبْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٦٧] يَعْنِي: التِّجَارَةَ ﴿وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ﴾ [البقرة: ٢٦٧] يَعْنِي النَّبَاتَ.
وَتَحْقِيقُ هَذَا أَنَّ الِاكْتِسَابَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مِنْهَا مَا يَكُونُ مِنْ بَطْنِ الْأَرْضِ وَهُوَ النَّبَاتَاتُ كُلُّهَا، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ مِنْ الْمُحَاوَلَةِ عَلَى الْأَرْضِ كَالتِّجَارَةِ وَالنِّتَاجِ وَالْمُغَاوَرَةِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَالِاصْطِيَادِ؛ فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَغْنِيَاءَ مِنْ عِبَادِهِ بِأَنْ يُؤْتُوا الْفُقَرَاءَ مِمَّا آتَاهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.
[مَسْأَلَةٌ الزَّكَاة فِي النَّبَات]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ:
قَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ نَبَاتٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ نِصَابٍ وَلَا تَخْصِيصٍ بِقُوتٍ، وَعَضَّدُوهُ بِقَوْلِهِ ﷺ: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِنَضْحٍ أَوْ دَالِيَةٍ نِصْفُ الْعُشْرِ».
وَهَذَا لَا مُتَعَلِّقَ فِيهِ مِنْ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا جَاءَتْ لِبَيَانِ مَحَلِّ الزَّكَاةِ لَا لِبَيَانِ نِصَابِهَا، أَوْ مِقْدَارِهَا، وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ النِّصَابَ بِقَوْلِهِ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ التَّمْرِ صَدَقَةٌ».
1 / 313