258

Aḥkām al-Qurʾān li-Ibn al-ʿArabī

أحكام القرآن لابن العربي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

فَصَارَتْ ظَرْفًا، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كِتَابِ " مُلْجِئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ إلَى مَعْرِفَةِ غَوَامِضِ النَّحْوِيِّينَ ".
[مَسْأَلَة قَوْله تَعَالَى فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩]: قِيلَ: الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ الرَّجْعَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَالتَّسْرِيحُ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ.
وَقِيلَ: التَّسْرِيحُ بِإِحْسَانِ الْإِمْسَاكُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، وَكِلَاهُمَا مُمْكِنٌ مُرَادٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ [الطلاق: ٢] يَعْنِي: إذَا قَارَبْنَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فَرَاجِعُوهُنَّ أَوْ فَارِقُوهُنَّ. وَقَدْ يَكُونُ الْفِرَاقُ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ الَّذِي قَالَهُ حِينَئِذٍ. وَقَدْ يَكُونُ إذَا رَاجَعَهَا وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ بِالسُّكُوتِ عَنْ الرَّجْعَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ؛ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَنَاقُضٌ.
وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إنَّ التَّسْرِيحَ بِإِحْسَانٍ هِيَ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ، وَوَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «التَّسْرِيحُ بِإِحْسَانٍ هِيَ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ» وَلَمْ يَصِحَّ.
[مَسْأَلَةٌ طَلَاقَ الرَّقِيقِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: هَذِهِ الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي أَنَّ الطَّلَاقَ ثَلَاثٌ فِي كُلِّ زَوْجَيْنِ، إلَّا أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إنْ كَانَا مَمْلُوكَيْنِ فَذَلِكَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ مَخْصُوصٌ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ طَلَاقَ الرَّقِيقِ طَلْقَتَانِ؛ فَالْأُولَى فِي حَقِّهِ مَرَّةٌ، وَالثَّانِيَةُ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ، لَكِنْ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: يُعْتَبَرُ عَدَدُهُ بِرِقِّ الزَّوْجِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُعْتَبَرُ عَدَدُهُ بِرِقِّ الزَّوْجَةِ.
وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ وَالْعِدَّةُ بِالنِّسَاءِ».
وَالتَّقْدِيرُ: الطَّلَاقُ مُعْتَبَرٌ بِالرِّجَالِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الطَّلَاقُ مَوْجُودٌ بِالرِّجَالِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مُشَاهَدٌ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَمِدَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِالْبَيَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُد أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «طَلَاقُ الْأَمَةِ

1 / 260