Aḥkām al-Qurʾān li-Ibn al-ʿArabī
أحكام القرآن لابن العربي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الثالثة
Publication Year
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
[مَسْأَلَةٌ إذَا حَلَّ الْمُحْصَرُ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: إذَا حَلَّ الْمُحْصَرُ نَحَرَ هَدْيَهُ حَيْثُ حَلَّ؛ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ بِالْحُدَيْبِيَةِ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ تَابِعٌ لِلْمُهْدِي، وَالْمُهْدِي حَلَّ بِمَوْضِعِهِ، فَالْهَدْيُ أَيْضًا يَحِلُّ مَعَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦] وَمَحِلُّهُ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ: ﴿وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ [الفتح: ٢٥]. قُلْنَا: كَذَلِكَ كَانَ صَاحِبُ الْهَدْيِ، وَهُوَ الْمُهْدِي مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَنْسَكَهُ، وَلَكِنْ حَلَّ فِي مَوْضِعِهِ، كَذَلِكَ هَدْيُهُ يَجِبُ أَنْ يَحِلَّ مَعَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ نَاجِيَةَ بْنَ جُنْدُبٍ صَاحِبَ بُدْنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ ابْعَثْ مَعِي الْهَدْيَ أَنْحَرْهُ فِي الْحَرَمِ. قَالَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: أُخْرِجُهُ فِي أَوْدِيَةٍ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ؛ فَانْطَلَقَ بِهِ حَتَّى نَحَرَهُ فِي الْحَرَمِ». قُلْنَا هَذَا حَدِيثٌ لَمْ يَصِحَّ.
[مَسْأَلَةٌ عَقَدَ الْإِحْرَامَ فَصَدَّهُ الْعَدُوُّ]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: إذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ فَصَدَّهُ الْعَدُوُّ، فَلَا يَخْلُو أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُمْ يَمْنَعُونَهُ أَوْ لَا يَعْلَمَ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْبَيْتِ فَإِحْرَامُهُ مُلْزِمٌ لَهُ أَلَّا يَحِلَّ إلَّا بِالْبَيْتِ أَبَدًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَلَّ بِمَنْعِهِمْ لَهُ، فَإِنْ شَكَّ لَمْ يَحِلَّ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ.
وَقَدْ أَحْرَمَ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ: إنَّهُ كَائِنٌ هَذَا الْعَامَ بَيْنَ النَّاسِ قِتَالٌ، فَقَالَ: إنْ صُدِدْنَا عَنْ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَحْرَمَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَحَلَّ حِينَ مُنِعَ، وَأَحْرَمَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى الشَّكِّ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُمْنَعْ.
1 / 175