154

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٣]: إبَاحَةٌ لِقِتَالِهِمْ وَقَتْلِهِمْ إلَى غَايَةٍ هِيَ الْإِيمَانُ؛ فَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ وَهْبٍ: لَا تُقْبَلُ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ جِزْيَةٌ. وَقَالَ سَائِرُ عُلَمَائِنَا: تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ كُلِّ كَافِرٍ؛ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَسَمِعْت الشَّيْخَ الْإِمَامَ أَبَا عَلِيٍّ الْوَفَاءَ بْنَ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيَّ إمَامَهُمْ بِبَغْدَادَ يَقُولُ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]. إنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿قَاتِلُوا﴾ [التوبة: ٢٩] أَمْرٌ بِالْقَتْلِ. وقَوْله تَعَالَى ﴿الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ [التوبة: ٢٩] سَبَبٌ لِلْقِتَالِ وقَوْله تَعَالَى ﴿وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ [التوبة: ٢٩] إلْزَامٌ لِلْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ الثَّابِتِ بِالدَّلِيلِ. وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة: ٢٩] بَيَانُ أَنَّ فُرُوعَ الشَّرِيعَةِ كَأُصُولِهَا وَأَحْكَامَهَا كَعَقَائِدِهَا. وقَوْله تَعَالَى ﴿وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ﴾ [التوبة: ٢٩] أَمْرٌ بِخَلْعِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا إلَّا دَيْنَ الْإِسْلَامِ. وقَوْله تَعَالَى: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ [التوبة: ٢٩] تَأْكِيدٌ لِلْحُجَّةِ، ثُمَّ بَيَّنَ الْغَايَةَ وَبَيَّنَ إعْطَاءَ الْجِزْيَةِ، وَثَبَتَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ». خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. «وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي قِتَالِهِ لِفَارِسَ: إنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَنَا أَنْ نُقَاتِلَكُمْ حَتَّى

1 / 156