151

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

يَنْسَخُ الْخَاصَّ، وَهَذَا الْبَائِسُ لَيْتَهُ سَكَتَ عَمَّا لَا يَعْلَمُ، وَأَمْسَكَ عَمَّا لَا يَفْهَمُ، وَأَقْبَلَ عَلَى مَسَائِلَ مُجَرَّدَةٍ. وَقَدْ رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ». فَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ الْقِتَالِ فِيهَا قُرْآنًا وَسُنَّةً؛ فَإِنْ لَجَأَ إلَيْهَا كَافِرٌ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ، وَأَمَّا الزَّانِي وَالْقَاتِلُ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ؛ إلَّا أَنْ يَبْتَدِئَ الْكَافِرُ بِالْقِتَالِ فِيهَا فَيُقْتَلُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ. [مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى ﴿فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ١٩١]: هَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا قَاتَلَ قُتِلَ بِكُلِّ حَالٍ، بِخِلَافِ الْبَاغِي الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ إذَا قَاتَلَ يُقَاتَلُ بِنِيَّةِ الدَّفْعِ، وَلَا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ، وَلَا يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحٍ؛ وَهَذَا بَيِّنٌ. [مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَإِنْ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: ١٩٢]: يَعْنِي انْتَهَوْا بِالْإِيمَانِ فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُمْ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ، وَيَرْحَمُ كُلًّا مِنْهُمْ بِالْعَفْوِ عَمَّا اجْتَرَمَ. وَهَذَا مَا لَمْ يُؤْسَرْ، فَإِنْ أُسِرَ مَنَعَهُ الْإِسْلَامُ عَنْ الْقَتْلِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ الرِّقُّ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، «أَنَّ ثَقِيفًا كَانَتْ حُلَفَاءَ لِبَنِي عَقِيلٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَصَابَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ وَمَعَهُ نَاقَةٌ لَهُ، فَأَتَوْا بِهِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ؛ بِمَ أَخَذْتَنِي وَأَخَذْت سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ قَالَ: أَخَذْتُك بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِك ثَقِيفٍ وَقَدْ كَانُوا أَسَرُوا رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَمُرُّ بِهِ وَهُوَ مَحْبُوسٌ، فَيَقُولُ:

1 / 153