135

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثالثة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

[الْآيَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ] الْآيَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٨٨] فِيهَا تِسْعُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذِهِ الْآيَةُ، مِنْ قَوَاعِدِ الْمُعَامَلَاتِ، وَأَسَاسِ الْمُعَاوَضَاتِ يَنْبَنِي عَلَيْهَا، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: هَذِهِ الْآيَةُ، وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: ٢٧٥] وَأَحَادِيثُ الْغَرَرِ، وَاعْتِبَارُ الْمَقَاصِدِ وَالْمَصَالِحِ، وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ اعْلَمُوا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُتَعَلِّقُ كُلِّ مُؤَالِفٍ وَمُخَالِفٍ فِي كُلِّ حُكْمٍ يَدَّعُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، فَيُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: ١٨٨] فَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ بَاطِلٌ حَتَّى تُبَيِّنَهُ بِالدَّلِيلِ، وَحِينَئِذٍ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْعُمُومُ؛ فَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَاطِلَ فِي الْمُعَامَلَاتِ لَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ فِيهَا تَعْيِينُ الْبَاطِلِ. [مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٨]: الْمَعْنَى: لَا يَأْكُلُ بَعْضُكُمْ مَالَ بَعْضٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ﴾ [النور: ٦١]: الْمَعْنَى: لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. وَلْيُسَلِّمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَوَجْهُ هَذَا الِامْتِزَاجِ أَنَّ أَخَا الْمُسْلِمِ كَنَفْسِهِ فِي الْحُرْمَةِ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ الْأَثَرُ وَالنَّظَرُ؛ أَمَّا الْأَثَرُ فَقَوْلُهُ ﵇: «مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى سَائِرُهُ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ».

1 / 137