123

Aḥkām al-Qurʾān li-Ibn al-ʿArabī

أحكام القرآن لابن العربي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الثالثة

Publication Year

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ: سِوَى تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُكَبِّرُ خَمْسًا فِي الْأُولَى، وَأَرْبَعًا فِي الثَّانِيَةِ، سِتٌّ فِيهَا زَوَائِدُ، وَثَلَاثٌ أَصْلِيَّاتٌ بِتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَتَيْ الرُّكُوعِ، لَكِنْ يُوَالِي بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ، وَيُقَدِّمُ التَّكْبِيرَ فِي الْأُولَى قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَيُقَدِّمُ الْقِرَاءَةَ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ.
وَرَوَى أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عُمَرَ ﵁ جَمَعَ الصَّحَابَةِ فَاتَّفَقُوا عَلَى مَذْهَبِهِمْ.
وَظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا كَأَعْدَادِ الْوُضُوءِ وَرَكَعَاتِ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ قَائِلِهِ لَيْسَ فِي الْوُضُوءِ أَعْدَادٌ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا، وَلَا فِي قِيَامِ اللَّيْلِ رَكَعَاتٌ مُقَدَّرَةٌ؛ وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِلَافُ رِوَايَاتٍ فِي صَلَاةِ جَمَاعَاتٍ، فَهِيَ كَاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ؛ وَإِنَّمَا يَتَرَجَّحُ فِيهَا عِنْدَ النَّظَرِ إلَيْهَا: أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَرْءَ مُخَيَّرٌ فِي كُلِّ رِوَايَةٍ، فَمَنْ فَعَلَ مِنْهَا شَيْئًا تَمَّ لَهُ الْمُرَادُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ نَفْسُ التَّكْبِيرِ لَا قَدْرُهُ.
وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ رِوَايَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَرْجَحُ؛ لِأَجْلِ أَنَّهُمْ بِالدِّينِ أَقْعَدُ فَإِنَّهُمْ شَاهَدُوهَا، فَصَارَ نَقْلُهُمْ كَالتَّوَاتُرِ لَهَا.
وَيَتَرَجَّحُ قَوْلُ مَالِكٍ عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ مَالِكًا رَأَى تَكْبِيرًا يَتَأَلَّفُ مِنْ مَجْمُوعِهِ وِتْرٌ، وَاَللَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ [وَإِلَيْهِ أَمِيلُ].
وَقَدْ يُمْكِنُ تَلْخِيصُ بَعْضِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي عَدَّ الْأُصُولَ وَالزَّوَائِدَ مَرَّةً وَأَخْبَرَ عَنْهَا، فَيَأْتِيَ مِنْ مَجْمُوعِهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ، أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى الزَّوَائِدِ فِي الذِّكْرِ وَيَحْذِفَ الْأَصْلِيَّاتِ الثَّلَاثَ فَيَظْهَرُ هَاهُنَا التَّبَايُنُ أَكْثَرَ، وَلَكِنْ يَفْضُلُ الْكُلُّ مَا قَدَّمْنَا مِنْ الرُّجُوعِ إلَى أَعْمَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا تَكْبِيرُهُ مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ، فَرَوَى أَبُو الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُكَبِّرُ فِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ غَدَاةَ عَرَفَةَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ آخِرَ

1 / 125