حين كسرت بنته جارية: «كتاب الله تعالى القصاص» أخبر أن موجب الكتاب القصاص، فإن قوله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) محكم ظاهر المعنى.
وقوله تعالى: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) محتمل للمعاني والمتشابه يجب رده إلى المحكم.
وقوله تعالى (عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ) يدل على أن دية العمد على القاتل.
وقال: (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (١٧٩) وذلك تنبيه على الحكمة في شرع القصاص، وإبانة الغرض منه، وخص أولي الألباب مع وجود المعنى في غيرهم لأنهم المنتفعون به، كما قال: (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) «١» . وقال: (نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) «٢»، فأبان أنه منذر الجميع، ولكنه خص في موضع «من يخشاها» لأنهم المنتفعون بإنذاره، وقال: (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) مع قوله في موضع آخر (هُدىً لِلنَّاسِ) لأن المتقين هم الذين ينتفعون به.. وقال في قصة مريم: (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا)
«٣»، لأن المتقي هو الذي يعيذ من استعاذ بالله تعالى.
وقوله: (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) «٤» يدل على مراعاة المماثلة في الجراح، على ما قاله الشافعي ﵀، وأن يفعل بالقاتل مثل ما فعله، فإن لم يمت وجب قتله، فإن القتل لا بد منه قصاصا لأخذ النفس بالنفس فجمعنا بين قوله تعالى: (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) وبين قوله: (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) وهذا أولى من طرح أحدهما..
_________
(١) سورة النازعات آية ٤٥. [.....]
(٢) سورة مريم آية ١٨.
(٣) سورة سبأ آية ٤٦.
(٤) سورة المائدة آية ٤٥.
1 / 56