131
قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ «١») (٢١٦) .
وذلك إما أن يكون مجملا موقوفا على بيان يرد ما بعده من البيان، لامتناع قتال الناس كلهم، وإما أن يكون مبنيا على معهود متقدم، ولا يعقل دون هذين.
قوله: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) الآية (٢١٧):
وقال عطاء: لم ينسخ ذلك وكان يحلف عليه.
وقال آخرون: هي منسوخة بقوله تعالى: (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) «٢» .
ولا شك أن عموم ذلك، يرفع خصوص ما قبله عند الشافعي، وإن خالفه بعض الأصوليين في انتساخ القيد بالمطلق بعده، ورأوا نسخ «٣» القتال في البلد الحرام، بعموم قوله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) «٤»، وهذا أيضا من قبيل الأول.
نعم صح ورود العمومين بعد المقيدين.
وذكر الحسن وغيره، أن الكفار سألوا النبي ﵇ عن ذلك على جهة التعنيت للمسلمين، باستحلالهم القتال في الشهر الحرام.

(١) كتب: فرض القتال: أي قتال المتعرضين لقتالكم، أي الجهاد فيهم بما يبيدهم أو يقهرهم ويخذلهم ويضعف قوتهم «كره» مكروه تكرهه نفوسكم لما فيه من المشقة. وقال ابن قتيبة: الكره بالفتح معناه الإكراه والقهر وبالضم معناه المشقة. ويقول الفراء:
«الكره بالضم ما أكرهت نفسك عليه، وبالفتح: ما أكرهك غيرك عليه» .
(٢) سورة التوبة آية ٢٩.
(٣) أي نسخ تحريم القتال فلعل هنا سقطا وتحريم مكة ثابت بالأحاديث الصحيحة.
(٤) سورة التوبة آية.

1 / 123