Aḥkām al-Qurʾān
أحكام القرآن
Editor
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Publisher Location
بيروت
Genres
Tafsīr
بِحَلَّاقٍ فَحَلَقَ رَأْسَهُ وَقَالَ هَلْ تَجِدُ نُسُكًا قَالَ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعًا وَأَنْزَلَ اللَّهُ [فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ]
لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً وَرَوَاهُ صَالِحٌ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ بِمِثْلِ ذَلِكَ
وَرَوَى دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَقَالَ فِيهِ صدق بِثَلَاثَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عن الشعبي عن عبد الرحمن ابن أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ (اُنْسُكْ نَسِيكَةً أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ طَعَامٍ لِسِتَّةِ مَسَاكِينَ)
فَذَكَرَ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ وَفِي خَبَرٍ سِتَّةُ آصُعٍ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً ثُمَّ قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ مِنْ طَعَامٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْحِنْطَةَ لِأَنَّ هَذَا ظَاهِرُهُ وَالْمُعْتَادُ الْمُتَعَارَفُ مِنْهُ فَيَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّمْرِ سِتَّةُ آصع ومن الحنطة ثلاثة آصع وعدد الْمَسَاكِينَ الَّذِينَ يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ سِتَّةٌ بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا النُّسُكُ فَإِنَّ
فِي أَخْبَارِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَهُ أَنْ يَنْسُكَ نَسِيكَةً وَفِي بَعْضِهَا شَاةٌ
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ أَدْنَاهُ شَاةً وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ مُخَيَّرُ بَيْنِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ يَبْتَدِئُ بِأَيِّهَا شَاءَ وَذَلِكَ مُقْتَضَى الْآيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ [فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ] واو للتخير هَذَا حَقِيقَتُهَا وَبَابُهَا إلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى غَيْرِ هَذَا فِي الْإِثْبَاتِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَوَاضِعَ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَوْضِعِ الْفِدْيَةِ مِنْ الدَّمِ وَالصَّدَقَةِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ غَيْرُ مَخْصُوصٍ بِمَوْضِعٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَصُومَ فِي أَيِّ مَوْضِعِ شَاءَ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ الدَّمُ بِمَكَّةَ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ حَيْثُ شَاءَ وَقَالَ مَالِكٌ بْنُ أَنَسِ الدَّمُ وَالصَّدَقَةُ وَالصِّيَامُ حَيْثُ شَاءَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الصَّدَقَةُ وَالدَّمُ بِمَكَّةَ وَالصِّيَامُ حَيْثُ شَاءَ فظاهر قوله [فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ] يقتضى إطلاقها حيث شاء المفتدى غير مخصوم بِمَوْضِعِ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْآي دَلَالَةٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِالْحَرَمِ وَهُوَ قَوْلُهُ [لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى] يَعْنِي الْأَنْعَامَ الَّتِي قَدَّمَ ذِكْرَهَا ثُمَّ قَالَ [ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ] وَذَلِكَ عَامٌّ فِي سَائِرِ الْأَنْعَامَ الَّتِي تُهْدَى إلَى الْبَيْتِ فَوَجَبَ بِعُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ كُلِّ هَدْيٍ مُتَقَرَّبٍ بِهِ مَخْصُوصٌ بِالْحَرَمِ لَا يُجْزِي فِي غَيْرِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى [هَدْيًا
1 / 351