287

Aḥkām al-Qurʾān

أحكام القرآن

Editor

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
هَذَا الْفَصْلِ وَوُرُودُ لَفْظِ الْإِبَاحَةِ بَعْدَ الْحَظْرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْإِيجَابَ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ لَفْظِ الْإِطْلَاقِ إذَا كَانَ وُرُودُهُ بَعْدَ الْحَظْرِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ نَظَائِرِهِ فِي قَوْلِهِ [وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا] وَقَوْلِهِ [فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ] وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مَنْدُوبًا وَهُوَ مَا يَكُونُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ عَلَى جِهَةِ السَّحُورِ
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ في السَّحُورَ بَرَكَةٌ)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إنَّ فَصْلًا بَيْنَ صِيَامِكُمْ وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحُورِ)
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الزِّئْبَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ (نِعْمَ غَدَاءُ الْمُؤْمِنِ السَّحُورُ وَإِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ)
فَنَدْبُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ آلَى السحور وليس يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مُرَادَ اللَّهِ بِقَوْلِهِ [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ] فِي بَعْضِ مَا انْتَظَمَهُ أَكَلَةُ السَّحُورِ فَيَكُونَ مَنْدُوبًا إلَيْهَا بِالْآيَةِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ تَضَمَّنَتْ الْآيَةُ لَا مَحَالَةَ الرُّخْصَةَ فِي إبَاحَةِ الْأَكْلِ وَهُوَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ لَا عَلَى وَجْهِ السَّحُورِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَظِمَ لَفْظٌ وَاحِدٌ نَدْبًا وَإِبَاحَةً قِيلَ لَهُ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ وَإِنَّمَا اسْتَدْلَلْنَا عَلَيْهِ بِظَاهِرِ السُّنَّةِ فَأَمَّا ظَاهِرُ اللَّفْظِ فَهُوَ إطْلَاقُ إبَاحَةٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَفِيهَا الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْغَايَةَ قَدْ لَا تَدْخُلُ فِي الْحُكْمِ الْمُقَدَّرِ بِهَا بِقَوْلِهِ ﷿ [حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ] وَحَالُ التَّبَيُّنِ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي إبَاحَةِ الْأَكْلِ فِيهَا وَلَا مُرَادَةٌ بِهَا ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ] فَجَعَلَ اللَّيْلَ غَايَةَ الصِّيَامِ وَلَمْ تَدْخُلْ فِيهِ وَقَدْ دَخَلَتْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَهُوَ قَوْلُهُ [وَلا جُنُبًا إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا] وَالْغَايَةُ مُرَادَةٌ فِي إبَاحَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَهَا وَكَذَلِكَ قوله تعالى [وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ- وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ] قَدْ دَخَلْتَ الْغَايَةُ فِي الْمُرَادِ وَذَلِكَ أَصْلٌ فِي أَنَّ الْغَايَةَ قَدْ تَدْخُلُ فِي حَالٍ وَلَا تَدْخُلُ فِي أُخْرَى وَأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى دَلَالَةٍ فِي إسْقَاطِ حُكْمِهَا أَوْ إثْبَاتِهِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى [ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ] فَإِنَّ عَطْفَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ إباحة الجماع

1 / 289