178

Aḥkām al-Qurʾān

أحكام القرآن

Editor

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Publisher Location

بيروت

Genres

Tafsīr
مَنْ يَجْعَلُ مَالَ الِابْنِ لِأَبِيهِ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا يُجْعَلُ مَالُ الْعَبْدِ وَمَتَى أَخَذَ مِنْهُ لَمْ يُحْكَمْ بِرَدِّهِ عَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي سُقُوطِ الْقَوَدِ بِهِ إلَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ مَالِهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا لَكَانَ كَافِيًا فِي كَوْنِهِ شُبْهَةً فِي سُقُوطِ الْقَوَدِ بِهِ وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الدَّلَائِلِ يَخُصَّ آيَ الْقِصَاصِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَالِد غَيْرُ مُرَادٍ بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ الرَّجُلَيْنِ يشتركان في قتل الرجل
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فِيها] وَقَالَ تَعَالَى [وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ] ولا خلاف أن هذا الوعيد لا حق بِمَنْ شَارَكَ غَيْرَهُ فِي الْقَتْلِ وَأَنَّ عَشَرَةً لَوْ قَتَلُوا رَجُلًا عَمْدًا لَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَاخِلًا فِي الْوَعِيدِ قَاتِلًا لِلنَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ عَشَرَةٌ رَجُلًا خَطَأً كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَاتِلًا فِي الْحُكْمِ لِلنَّفْسِ يَلْزَمُهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ مَا يَلْزَمُ الْمُنْفَرِدَ بِالْقَتْلِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ لَا يَجِبُ فِيهِ كَفَّارَةٌ فَيَثْبُتُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي حُكْمِ مَنْ أَتْلَفَ جَمِيعَ النَّفْسِ وَقَالَ تَعَالَى [مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا] فَالْجَمَاعَةُ إذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ فِي حُكْمِ الْقَاتِلِ لِلنَّفْسِ وَلِذَلِكَ قُتِلُوا بِهِ جَمِيعًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَتَلَ اثنان رجل أَحَدُهُمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ خَطَأً أَوْ أَحَدُهُمَا مَجْنُونٌ وَالْآخَرُ عَاقِلٌ فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُخْطِئَ فِي حُكْمِ آخذ جميع النفس فيثبت لجميعها حُكْمُ الْخَطَإِ فَانْتَفَى مِنْهُمَا حُكْمُ الْعَمْدِ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ ثُبُوتُ حُكْمِ الْخَطَإِ لِلْجَمِيعِ وَحُكْمُ الْعَمْدِ لِلْجَمِيعِ وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ وَالْعَاقِلُ وَالصَّبِيُّ وَالْبَالِغُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ حُكْمُ الْخَطَإِ لِلْجَمِيعِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَإِذَا ثَبَتَ حُكْمُ الْعَمْدِ لِلْجَمِيعِ وَجَبَ الْقَوَدُ فِيهِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي امْتِنَاعِ وُجُوبِ دِيَةٍ كَامِلَةٍ فِي النَّفْسِ وَوُجُوبِ الْقَوَدِ مَعَ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ اسْتِيفَائِهِمَا جَمِيعًا فَوَجَبَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَتَى وَجَبَ لِلنَّفْسِ الْمُتْلِفَةِ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ أَنْ لَا يَثْبُتَ مَعَهُ قَوَدٌ على أحد لأن وجوب يُوجِبُ ثُبُوتَ حُكْمِ الْعَمْدِ فِي الْجَمِيعِ وَثُبُوتُ حُكْمِ الْعَمْدِ فِي الْجَمِيعِ يَنْفِي وُجُوبَ الْأَرْشِ لِشَيْءٍ مِنْهَا وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الصَّبِيِّ والبالغ والمجنون والعاقل والعمد وَالْمُخْطِئِ يَقْتُلَانِ رَجُلًا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ لَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَبَا الْمَقْتُولِ فَعَلَى الْأَبِ وَالْعَاقِلِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَالْمُخْطِئُ وَالْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَقَالَ مَالِكٌ إذَا اشْتَرَكَ الصَّبِيُّ

1 / 180