Aḥkām al-Qurʾān
أحكام القرآن
Editor
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Publisher
دار إحياء التراث العربي
Publisher Location
بيروت
Genres
Tafsīr
اللفظ ألا ترى أَنَّ
قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ
وَذِكْرَهُ الْأَصْنَافَ السِّتَّةَ لَمْ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الرِّبَا مَقْصُورًا عَلَيْهَا وَلَا نَفْيُ الرِّبَا عَمَّا عَدَاهَا كَذَلِكَ قوله [الْحُرُّ بِالْحُرِّ] لَا يَنْفِي اعْتِبَارَ عُمُومِ اللَّفْظِ فِي قَوْلِهِ [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى] ويدل على أن قوله [الْحُرُّ بِالْحُرِّ] غَيْرُ مُوجِبٍ لِتَخْصِيصِ عُمُومِ الْقِصَاصِ وَلَمْ يَنْفِ الْقِصَاصَ عَنْ غَيْرِ الْمَذْكُورِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى قَتْلِ الْعَبْدِ بِالْحُرِّ وَالْأُنْثَى بِالذَّكَرِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ تَخْصِيصَ الْحُرِّ بِالْحُرِّ لَمْ يَنْفِ مُوجِبَ حُكْمِ اللَّفْظِ فِي جَمِيعِ الْقَتْلَى فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ يَكُونُ الْقِصَاصُ مَفْرُوضًا وَالْوَلِيُّ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْعَفْوِ وَبَيْنَ الْقِصَاصِ قِيلَ لَهُ لَمْ يَجْعَلْهُ مَفْرُوضًا عَلَى الْوَلِيِّ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مَفْرُوضًا عَلَى الْقَاتِلِ لِلْوَلِيِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى] وَلَيْسَ الْقِصَاصُ عَلَى الْوَلِيِّ وَإِنَّمَا هُوَ حَقٌّ لَهُ وَهَذَا لَا يَنْفِي وُجُوبَهُ عَلَى الْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي لَهُ الْقِصَاصُ مُخَيَّرًا فِيهِ وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى قَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ وَالرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ اقْتِضَاءِ أَوَّلِ الْخِطَابِ إيجَابَ عُمُومِ الْقِصَاصِ فِي سائر القتلى وأن تخصصه الْحُرَّ بِالْحُرِّ وَمَنْ ذَكَرَ مَعَهُ لَا يُوجِبُ الِاقْتِصَارِ بِحُكْمِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ دُونَ اعْتِبَارِ عُمُومِ ابْتِدَاءِ الْخِطَابِ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ وَنَظِيرُهَا مِنْ الْآيِ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ عَامًّا قَوْله تَعَالَى [وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطانًا] فَانْتَظَمَ ذَلِكَ جَمِيعَ الْمَقْتُولِينَ ظُلْمًا وَجَعَلَ لِأَوْلِيَائِهِمْ سُلْطَانًا وَهُوَ الْقَوَدُ لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ الْقَوَدَ مُرَادٌ بِذَلِكَ فِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ إذَا قَتَلَ حُرًّا مُسْلِمًا فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْله تَعَالَى فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ قَوَدًا لِأَنَّ مَا حَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ مَعْنَى الْآيَةِ مُرَادٌ فَكَأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِيهَا فَلَفْظُ السُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ مُجْمَلًا فَقَدْ عُرِفَ مَعْنَى مُرَادِهِ مِنْ طَرِيقِ الاتفاق وقوله [وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا] هُوَ عُمُومٌ يَصِحُّ اعْتِبَارُهُ عَلَى حَسَبِ ظَاهِرِهِ وَمُقْتَضَى لَفْظِهِ وَنَظِيرُهَا أَيْضًا مِنْ الْآيِ قَوْله تَعَالَى [وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ] فَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ وَهُوَ عُمُومٌ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ فِي سَائِرِ الْمَقْتُولِينَ وَقَدْ احْتَجَّ أَبُو يُوسُفَ بِذَلِكَ فِي قَتْلِ الْحُرِّ بِالْعَبْدِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أن مَذْهَبِهِ أَنَّ شَرِيعَةَ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ ثَابِتَةٌ عَلَيْنَا مَا لَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهَا عَلَى لِسَانِ الرَّسُولِ ﷺ وَلَا نَجِدُ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ مَا يُوجِبُ نَسْخَ ذَلِكَ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ ثَابِتًا عَلَيْنَا عَلَى حَسَبِ مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ لَفْظِهِ مِنْ إيجَابِ الْقِصَاصِ فِي سَائِرِ الْأَنْفُسِ وَنَظِيرُهُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى [فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ]
1 / 166