59

Aḥkām al-Qurʾān al-Karīm

أحكام القرآن الكريم

Editor

الدكتور سعد الدين أونال

Publisher

مركز البحوث الإسلامية التابع لوقف الديانة التركي

Edition Number

الأولى

Publisher Location

إسطنبول

Genres

Tafsīr
فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ سَلْمَانَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ " إِنِّي لَسْتُ أَمَسُّهُ " أَيْ: لَسْتُ بِقَرَاءَتِي إِيَّاهُ مُمَاسًّا لَهُ، ثُمَّ قَالَ: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، يَعْنِي: بِالْأَيْدِي لَا بِالتِّلَاوَةِ فَهَذَا الَّذِي وَجَدْنَاهُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَأَمَّا وَجْهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ فِي تَأْوِيلِهَا فَعَلَى الإِخْبَارِ مِنَ اللهِ ﷿،
وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، لَا عَلَى النَّهْيِ عَنْ مُمَاسَّتِهِ إِلَّا عَلَى الطَّهَارَةِ وَأَمَّا وَجْهُ مَا رُوِيَ عَنْ سَلْمَانَ فَعَلَى النَّهْيِ مِنَ اللهِ ﷿ لِلْعِبَادِ أَنْ لَا يَمَسُّوهُ إِلَّا طَاهِرِينَ، أَيْ: لَا يَمَسُّوا الْمصاحِفَ الْمَكْتُوبَ فِيهَا إِلَّا وَهُمْ طَاهِرُونَ وَأَمَّا الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا فَعَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ، لِأَنَّهُ قَالَ ﷿: ﴿لَا يَمَسُّهُ﴾ بِالرَّفْعِ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْإِخْبَارِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْأَمْرِ لَكَانَ لَا يَمَسَّهُ بِالْفَتْحِ، لِأَنَّ أَصْلَ هَذَا الْحَرْفِ التَّثْقِيلُ وَإِنَّمَا هُوَ يَمْسَسُهُ، فَإِذَا أَدْغَمْتَ إِحْدَى السِّينَيْنِ فِي الْأُخْرَى عَادَ مَوْضِعُ الْجَزْمِ إِلَى الْفَتْحِ، وَلَكِنَّا لَا نُبِيحُ لِلْجُنُبِ وَلَا لِلْمُحْدِثِينَ غَيْرَ الْمُتَوَضِّئِينَ مُمَاسَّةُ الْمُصْحَفِ حَتَّى يَتَطَهَّرَ، لِمَا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَمَّا كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ
١٤٤ - حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، إِنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ " أَنْ لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرًا " وَذَلِكَ عِنْدَنَا عَلَى الْمَصَاحِفِ الْمَكْتُوبِ فِيهَا الْقُرْآنُ وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَلَا لِلْمُحْدِثِينَ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَمَا سِوَاهُمَا مِمَّا يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ أَنْ يَمَسَّ الدِّرْهَمَ الْمَكْتُوبَ فِيهِ السُّورَةُ مِنَ الْقُرْآنِ حَتَّى يَطَّهَّرُوا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيِّ
تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾
قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾، وَكَانَ ذَلِكَ مُحْكَمًا مَعْقُولًا الْمُرَادُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ ﷿: ﴿فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾، فَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ

1 / 118