Aḥkām al-Qurʾān al-Karīm
أحكام القرآن الكريم
Editor
الدكتور سعد الدين أونال
Publisher
مركز البحوث الإسلامية التابع لوقف الديانة التركي
Edition Number
الأولى
Publisher Location
إسطنبول
Genres
Tafsīr
الزَّكَاةُ، فَتَرَكَهُ سِنِينَ لَا يُزَكِّيهِ، إِنَّهُ يُزَكِّي عَنْ أَوَّلِ سَنَةٍ جَمِيعَ الْمَالِ، وَعَنِ الثَّانِيَةِ جَمِيعَ الْمَالِ، إِلا مَا خَرَجَ لِلزَّكَاةِ فِي الْعَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى يَبْقَى مِنَ الْمَالِ أَقَلَّ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَلا يَكُونُ عَلَيْهِ غيرَ ذَلِكَ وَكَانَ زُفَرُ، يَقُولُ: يُزَكِّيهِ لِكُلِّ عَامٍ زَكَاةً كَامِلَةً، وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ، وَلا يَمْنَعُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ عِنْدَهُ فِي الْحَوْلِ الأَوَّلِ وُجُوبَ زَكَاةِ جَمِيعِهِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي، وَفَرَّقَ زُفَرُ بَيْنَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ وَبَيْنَ وُجُوبِ الدَّيْنِ سِوَاهُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ، فَلَمْ يَجْعَلِ الزَّكَاةَ دَيْنًا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ، وَسَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بَيْنَهُمَا سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِلالا، يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ ﵀ عَنْ رَجُلٍ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، حَالَ عَلَيْهَا حَوْلانِ، فَقَالَ: عَلَيْهِ زَكَاةُ
حَوْلٍ وَاحِدٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَلا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا لِلْحَوْلِ الثَّانِي، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّ زُفَرَ كَانَ يَقُولُ: عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهَا لِلْحَوْلَيْنِ جَمِيعًا، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا حُجَّتُكَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ يَقُولُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَرْبَعُ مِائَةِ دِرْهَمٍ؟ قَالَ أَحْمَدُ: وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُ إِذَا جَعَلَ الزَّكَاةَ وَاجِبَةً فِي كُلِّ حَوْلٍ جَازَ أَنْ تَكْثُرَ الأَحْوَالُ حَتَّى تَكُونَ جُمْلَةُ زَكَاتِهَا تُجَاوِزُ مِقْدَارَ الْمَالِ الَّذِي مِنْ أَصْلِهِ وَجَبَتِ الزَّكَاةُ وَكَانَ الِّذِي احْتَجَّ بِهِ أَبُو يُوسُفَ مِنْ هَذَا عَلَى زُفَرَ غَيْرَ لازِمٍ لَهُ، لأَنَّهُ وَزُفَرَ جَمِيعًا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي حُقُوقِ اللهِ ﷿ مِنْ كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَالدِّمَاءِ الْوَاجِبَاتِ بِأَنْسَاكِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ كَالدَّيْنِ الَّذِي مِنْ حُقُوقِ الآدَمِيِّينَ، وَكَانَتِ الزَّكَاةُ الَّتِي مِنْ حُقُوقِ اللهِ ﷿ بِالدَّيْنِ الَّذِي مِنْ حُقُوقِهِ أَشْبَهَ مِنْهَا بِالدُّيُونِ الَّتِي مِنْ حُقُوقِ الآدَمِيِّينَ أَلا تَرَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لأَدَمِيٍّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ، وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَأَنَّهُ عِنْدَ زُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، تَسْقُطُ عَنْهُ الْحُقُوقُ الَّتِي لِلَّهِ ﷿ بِمَوْتِهِ مِنَ الزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَسَائِرِ مَا ذَكَرْنَا مَعَهَا، وَكَانَ حُكْمُ الزَّكَاةِ بِالْكَفَّارَاتِ وَمَا أَشْبَهَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَشْبَهَ مِنْهَا بِدُيُونِ الآدَمِيِّينَ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِهَا فِي الْحَيَاةِ أَشْبَهَ مِنْهَا بِدُيُونِ الآدَمِيِّينَ، وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَلا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ، لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ فِي
1 / 272