Ahkam al-Dhari`ah ila Ahkam al-Shari`ah

Gamal al-din al-Surramarri d. 776 AH

Ahkam al-Dhari`ah ila Ahkam al-Shari`ah

أحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة

Investigator

أبو عبد الله حسين بن عكاشة بن رمضان

Publisher

مكتبة ابن تيمية ودار الكيان

Publication Year

1427 AH

Publisher Location

الرياض

أحكام الذريعة

إلى أحكام الشريعة

تأليف

الإمام الحافظ العلامة
جمال الدين أبي المظفر السرمري
يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد الجبلي
٦٩٦ - ٧٧٦ هـ

يطبع لأول مرة على نسخة خطية فريدة

تقديم فضيلة الأستاذ الدكتور

أحمد بن معبد عبد الكريم

تحقيق

أبي عبد الله حسين بن عكاشة بن رمضان

دار الكيان

الرياض
مكتبة ابن تيمية
الشارقة

1

أحكام الذريعة

إلى أحكام الشريعة

تأليف

الإمام الحافظ العلامة
جمال الدين أبي المظفر السرمري
يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد الجبلي
٦٩٦ - ٧٧٦ هـ

يطبع لأول مرة على نسخة خطية فريدة

تقديم فضيلة الأستاذ الدكتور

أحمد بن معبد عبد الكريم

تحقيق

أبي عبد الله حسين بن عكاشة بن رمضان

دار الكيان

الرياض
مكتبة ابن تيمية
الشارقة

2

بسم الله الرحمن الرحيم

كل الحقوق محفوظة

مكتبة ابن تيمية

الإمارات العربية المتحدة - الشارقة

هاتف: ٠٠٩٧١٦٥٦٣٩٣٩٦

فاكس: ٠٠٩٧١٦٥٦٣٩٣٩٥

جوال: ٠٠٩٧١٥٠٦٣٣٩٣٠٣ - ٠٠٩٧١٥٠٤٩٩٠٢٢٦

ص.ب: ٩٥٧١٢ الشارقة

البريد الإلكتروني: ibntaymeyah@yahoo.com

الطبعة الأولى ١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

رقم الإيداع بدار الكتب ٢٠٠٦/١٤٩٣٧

دار الكيان

الرياض

المملكة العربية السعودية - الرياض

ص.ب: ٥٧٦٨٤ - ١١٥٨٤

هاتف وفاكس: ٢٠٦٧٠٦٧ - جوال: ٠٥٠٤١٩٧٢٤٨

البريد الإلكتروني: Dar_alkayan@hotmail.com

4

بسم الله الرحمن الرحيم

4

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم.

وبعد:

فإن هذا الكتاب يعد من المؤلفات المختصرة في أحاديث الأحكام، كما أن مؤلفه رغم مكانته اللائقة لم يشتهر بهذا الكتاب مثلما اشتهر أبو البركات ابن تيمية الجد بكتابه ((منتقى الأخبار)) لكني عندما قرأت مقدمته وعددًا من أبوابه وجدته حاز بعض المميزات واشتمل على كثيرٍ من الفوائد لا سيما الحديثية، وكلا هذين الأمرين مما يجعل له أهمية في موضوعه، فأبرز ما تميز به هذا الكتاب عن كثيرٍ من كتب أحاديث الأحكام أن مؤلفه جعل من منهجه أن يذكر مع الأحاديث بعض الآيات القرآنية المتعلقة بالأحكام الشرعية مستفتحًا بها أبواب الكتاب؛ وبذلك أصبح الكتاب جامعًا بين فقه القرآن الكريم والسنة النبوية.

ومن أبرز فوائده الحديثية بيان درجات كثيرٍ من الأحاديث من الصحة وغيره، وذلك بالنسبة للأحاديث التي أخذها من مصادر لم تلتزم ببيان درجات الأحاديث مثل سنن أبى داود والنسائي وابن ماجه ومسند الإمام أحمد، كما أنه يذكر من أحكام العلماء على الأحاديث ما قد تخفى مظنته مثل أحكام الإمام أحمد والخطابي وغيرهما.

ويلاحظ على المؤلف عزوه أحاديث لعددٍ من المصادر الأصلية المشهورة مثل صحيح مسلم والسنن لأبي داود والنسائي والدارقطني ثم لا توجد في الطبعات المتداولة حاليًا من تلك المصادر، كما بينه الأخ المحقق بالهوامش عند مواضعه، وكذلك قد يعزو بعض الأحاديث إلى غير الصحيحين مع وجود ذلك فيهما، أو يعزو لبعض المسانيد ما هو موجود في بعض الكتب التي اشترطت الصحة، وهذا وذاك منتقدٌ في اصطلاح علماء التخريج طالما أن المقصود هو الاستدلال بالحديث.

5

ولاحظت أن المؤلف في نقله لحكم الترمذي على الأحاديث بقوله "حسن صحيح" أنه يقول: "صححه الترمذي وحسنه" وفي نقله لحكم الترمذي على الأحاديث بقوله: "حسن غريب" أنه يقول: "حسنه الترمذي وغربه" ولم أجد مثل هذا الصنيع لغيره، لكنه في مواضع أخرى يحكم بالصحة فقط كما يفعل غيره فيما يقول الترمذي فيه: "حسن صحيح" وقد يختلف نقله لحكم الترمذي عما هو مطبوع حاليًا من جامع الترمذي.

أما عمل الأخ المحقق - حفظه الله - زيادة على تحقيق النص وتصويبه فهو توثيق الأحاديث بعزوها إلى مصادرها التي عزاها المؤلف إليها مع بعض الزيادات عليها لما يراه من حاجة المقام إلى ذلك، وكذا عزو بعض النصوص والأقوال التي يذكرها المؤلف لبيان درجة الحديث ونحوهما، كما قام كذلك مشكورًا بذكر درجة كثيرٍ من الأحاديث التي لم يبين المؤلف درجتها ولا ذُكرت درجتها في المصادر المعزوة إليها، كما أنه استوفى تخريج عدد من الأحاديث التي حصل من المؤلف قصورٌ في تخريجها، وله بجانب ذلك تعقبات وتعاليق مفيدة ودقيقة على بعض المواضع مثل بيان مخالفة الحكم على بعض الأحاديث لقول الأكثرين، كما علق على بعض المواضع المتعلقة بفقه الحديث والآداب المستفادة منه.

وأيضًا لا أعلم من سبق الأخ الشيخ / حسين إلى إخراج الكتاب محققًا مفهرسًا على النحو الذي يراه القارئ الكريم بين يديه.

فأسأل الله تعالى لي وله وللعاملين على خدمة الكتاب والسنة بإخلاص وتقريبها للناس كل توفيق وسداد، آمين.

وكتبه الفقير إلى الله تعالى

أ.د/ أحمد معبد عبد الكريم
أستاذ الحديث بجامعة الأزهر

6

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: ١٠٢].

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: ١].

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ (٧٠) ﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وبعد، فإن من فضل الله- تعالى- علي أن أعانني على تحقيق هذا الكتاب النفيس ((إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة)) للإمام العلامة جمال الدين أبي المظفر يوسف بن محمد بن مسعود السُّرَّمَرِّي الحنبلي (٦٩٦ - ٧٧٦ هـ).

7

وقد بالغ مؤلفه رحمه اللهُ في تحريره وتهذيبه وفي اختصاره وتقريبه؛ فجاء "كتابًا لطيفًا، انتخبه مما اشتمل عليه الكتاب والسنة من الأحكام، يرغب الطالب في حفظه لقلة لفظه، وينشرح للأخذ بحكمة حكمه لصغر حجمه، ويربح كلفة ترجيح أحد أقوال العلماء، والانتصار لفلانٍ وفلانٍ من الفقهاء، فيقول قال الله وقال الرسول، وناهيك بما في ذلك من إدراك السول، افتتح كل باب من أبوابه بآية فصاعدًا من الكتاب العزيز، تتعلق بأحكامه، وتشهد بتهذيبه وإحكامه، توخى فيه قصار الأخبار طلبًا للاختصار، وعزا كل حديثٍ إلى من رواه من الأئمة، وافتتحه بكتاب الإيمان والسنة اتباعًا لطريقة السلف، وترغيبًا لمن بعدهم - في اتباعهم - من الخلف، واختتمه بكتاب الأدب على طريقة السلف في تصانيفهم؛ يعقبون الأحكام بالآداب" هذا قول مؤلفه فيه وصاحب البيت أدرى بما فيه.

وقد وافق مبناه مسماه، فالإحكام: الإتقان، والذريعة: الوسيلة.

ولا شك أن المسلمين عامةً في حاجةٍ ماسَّةٍ لهذا الكتاب وأمثاله مما يضيء لهم الطريق بنور الوحيين: كتاب الله العزيز، وسنة الرسول الأمين ﷺ؛ ليسيروا على نورٍ من اللَّه فيمتثلوا أمر ربهم ويتبعوا سنة نبيهم ﷺ؛ قال الله - تعالى -: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩] وقال النبي ﷺ: ((إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدًا، كتاب الله وسنة نبيه)). رواه الحاكم عن ابن عباس وعن أبي هريرة رضي الله عنهما وبهذا تتحقق لهم البصيرة في الدين التي هي سبيل النبي ﷺ وأتباعه؛ قال الله- تعالى -: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ

8

اٌلْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: ١٠٨].

والكتاب يطبع - حسب علمي - للمرة الأولى.

ومؤلفه الإمام جمال الدين السرمري تَخْتُلُهُ إمامٌ عَلَمٌ من كبار أئمة الحنابلة- رحمهم الله- في القرن الثامن الهجري، يجهل كثيرٌ من الباحثين وطلبة العلم سيرته، ومع كونه من المكثرين في التصنيف- حتى قال عنه الإمام ابن ناصر الدين الدمشقي: لم نر أكثر تصنيفًا منه بعده. وقد زادت مصنفاته على مائة مصنفٍ؛ كما ذكر السرمري نفسه - إلا أنه لم يطبع له قبلُ- حسب علمي - إلا رسائل صغيرة، هي: ((اللؤلؤة)) في النحو، و((شرحها))، و((الحمية الإسلامية في الانتصار لشيخ الإسلام ابن تيمية))، فطَبْعُ هذا الكتاب إحياءٌ لعِلْم هذا الإمام العَلَم تَخْتُلُهُ.

وقد ترجمت في مقدمتي لهذا الإِمام العَلَم، وذكرتُ ما وقفتُ عليه من مصنفاته، وأشرت إلى الموجود منها والمفقود، والمطبوع منها والمخطوط؛ حسب الجهد والطاقة.

وأنا إذ أقدم هذا الكتاب لعامة المسلمين؛ أسأل اللَّه تعالى أن ينفع به مؤلفه ومحققه وكل من أعان على طبعه ونشره وسائر المسلمين؛ إنه سميعٌ قريبٌ.

وأتقدم بجزيل الشكر لفضيلة الوالد العلّامة الكريم الأستاذ الدكتور/ أحمد معبد عبد الكريم على تفضله بالتقديم لهذا الكتاب؛ جزاه الله خيرًا.

وأتقدم بجزيل الشكر أيضًا لكل من أعان على إتمام هذا الكتاب وإخراجه، وأخص منهم بالذكر الأخ الدكتور/ أكرم رضوان المكي - حفظه الله- على تفضله بتصوير الكتاب من المكتبة الأزهرية.

9

والله أسأل أن يعيننا على إخراج كتب الشريعة الغراء في أحسن صورة، وأن يعظم النفع بهذا الكتاب وغيره مما أعاننا على إخراجه.

والحمد لله رب العالمين أولًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه؛ كما يحب ربنا ويرضى.

اللَّهم صل على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد؛ كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميدٌ مجيد.

﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَمُ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَلَمِينَ﴾ [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢].

كتبه/ أبو عبد الله حسين بن عكاشة

10

منهج العمل في تحقيق الكتاب

بعد أن اطلعت على نسخة الكتاب الخطية وتحققت من عظم فائدته وكبير نفعه؛ دفعته إلى الإخوة: أبي صفية مجدي بن السيد الشاعر، وأبي عبد الرحمن كريم بن محمد عيد، وأبي سهيل حسام الدين بن مصطفى- جزاهم الله خيرًا- فنسخوه.

ثم قابلنا الكتاب على أصله الخطي مرات.

ثم عزونا الآيات القرآنية إلى موضعها من المصحف الشريف، وذكرت القراءات عند الحاجة؛ لأن المؤلف لا يقرأ بقراءة حفص عن عاصم - التي وضعنا الآيات في الكتاب على وفقها - فما خالف قراءة حفص نبهتُ عليه في الهامش، وذكرت من قرأ به من أصحاب القراءات المتواترة- رحمهم الله -.

عزا أخي أبو صفية مجدي بن السيد الشاعر نصوص الكتاب إلى مصادرها الأصلية وقد انتفع في عمله بكتابي: «كفاية المستقنع لأدلة المقنع»، و«أحكام الضياء».

ثم استوفيتُ توثیق نصوص الکتاب من مصادرها الأصلية، ونبهت على ما يحتاج إلى تنبيهٍ منها.

ضبطتُ ما يشكل ضبط قلم، وما رأيت أنه يحتاج إلى ضبط حرف ضبطته كذلك في هوامش الكتاب، عازيا كل ذلك إلى موضعه من كتب أئمتنا- رحمهم الله تعالى -.

شرحت غريب الحديث بعبارةٍ يسيرةٍ سلسةٍ من كلام أئمتنا - رحمهم الله - موثقًا كل نقل من مصدره.

11

علقت على بعض المواضع المشكلة من نصوص الكتاب بما يزيل إشكالها ويوضح غامضها، ناقلًا ذلك عن أئمتنا من مصادرها أيضًا.

ولما كان المؤلف رَحِمَهُ اللهُ لا يتكلم على كثيرٍ من الأحاديث بما يبين صحتها من ضعفها؛ فقد نقلت بعض كلام أهل العلم على الأحاديث تصحيحًا وتضعيفًا وعلى رواتها تعديلًا وتجريحًا متوخيًا في ذلك الاختصار، وربما أطلت في بعض المواضع للحاجة.

نبّهتُ على ما وقع في النسخة الخطية من أوهام أو سقط أو نحو ذلك.

كتبت مقدمةً يسيرةً للكتاب، حَوَتْ بعد التقديم والكلام على منهج العمل فصلين:

• الفصل الأول: الإمام السرمري حياته وآثاره:

ترجمت فيه للإمام أبي المظفر السرمري، وقد حاولت أن أجمع له ترجمةً وافيةً؛ لأني لم أقف على ترجمة وافيةٍ له، ولم أجد دراسةً علميةً كُتبت عنه، بل إن ترجمته قد فاتت بعض الكتب التي هو على شرطها؛ كـ ((المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد)) لبرهان الدين بن مفلح، و((الجوهر المنضد في طبقات متأخري أصحاب أحمد)) ليوسف بن عبد الهادي، مع قرب ابن مفلح وابن عبد الهادي من المؤلف زمانًا ومكانًا.

وقد بذلت جهدًا كبيرًا في التعريف بالمؤلف وحياته وشيوخه وتلاميذه، وأوليت مؤلفاته عنايةً خاصةً- كما هو دأبي بعون الله تعالى- فذكرت الموجود منها والمفقود، والمطبوع منها والمخطوط، حسب ما تيسر، لكن يبقى في القلب حسراتٌ؛ فإن المؤلف ذكر أن مؤلفاته تزيد على مائة مصنفٍ كبارٍ وصغارٍ، وكل ما وقفت عليه لا يبلغ الأربعين، فلعل الله ييسر الوقوف

12

على بقية مؤلفاته والانتفاع بها ؛ إنه جواد كريم.

• والفصل الثاني: كتاب ((إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة))

عرفت فيه باسم الكتاب ونسخته الخطية ومنهجه ومصادره، وميزاته، ووضعت صورًا ضوئية لبعض أوراق النسخة الخطية.

راجع أخي محمد بن جمعة بن هنداوي الكتاب لغويا، ونبّه على بعض المواضع المشكلة.

أعدَّ فهارس الكتاب أخي أبو صفية مجدي بن السيد الشاعر، وهي :

  1. فهرس الآيات القرآنية.

  2. فهرس الأحاديث والآثار.

  3. فهرس غريب الحديث.

  4. فهرس المصادر والمراجع.

  5. فهرس الموضوعات.

نضد حروف الكتاب أخي محمد بن عبد الفتاح جزاه الله خيرًا.

راجع تجارب الكتاب الإخوة الذين نسخوه، ومعهم الأخوان: عمر بن توفيق وسيد بن منصور، جزاهم الله خيرًا.

هذا هو المنهج العام لتحقيق الكتاب، والحمد لله رب العالمين.

13

-

14

الفصل الأول

الإمام جمال الدين السُّرَّمَرِّي

حياته وآثاره

15

-

16

التعريف بالإمام جمال الدين الشُرَّمَرِّي

هو يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد بن علي بن إبراهيم جمال

(١) من مصادر ترجمته:

((الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر)) لابن ناصر الدين الدمشقي (ق ١١٥).
((التبيان لبديعة البيان)) لابن ناصر الدين أيضًا، الترجمة رقم (١٢٠٠)، تحت الطبع بتحقيقي.
((إنباء الغمر بأنباء العمر)) لابن حجر (٢٠١/١).
((الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة)) لابن حجر (٤٧٣/٤ - ٤٧٤).
((لحظ الألحاظ بذيل تذكرة الحفاظ)) لابن فهد (١٦٠ - ١٦١).
((وجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام)) للسخاوي (٢١٠/١).
((بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة)) للسيوطي (٢/ ٣٦٠).
((المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد)) للعليمي (١٤٣/٥ - ١٤٤).
((درة الحجال في أسماء الرجال)) للمكناسي (٣٥٧/٣ - ٣٥٨).
((ذيل لب اللباب)) لابن العجمي (ق ٣٠).
((شذرات الذهب في أخبار من ذهب)) ابن العماد (٦/ ٢٤٩).
((السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة)) لابن حميد النجدي (١١٨١/٣ - ١١٨٨).
((فهرس الفهارس)) للكتاني (٩٢٥/٢ - ٩٢٦).
((الأعلام)) للزركلي (٢٥٠/٨ - ٢٥١).
((معجم المؤلفين)) لكحالة (١٨١/٤).
((معجم مؤلفات الحنابلة)) للدكتور الطريقي (١٧٥/٤ - ١٨٤) وقد استفدت منه، ونقلت بواسطته عن عدة كتب ليست تحت يدي الآن، منها: ((الدر المنضد))، و((رفع النقاب)) و((المدخل المفصل)) فكل ما نقلت من هذه الكتب فبواسطة ((معجم مصنفات الحنابلة)).

مقدمة الدكتور عبد الرحمن العثيمين لكتاب ((اللؤلؤة في النحو)) للمؤلف، (ص ١٦٧ - ١٧٨).
ترجمة جيدة كُتبت على طرة النسخة الخطية لكتابنا هذا.

17

الدين أبو المظفر السرمري مولدًا ومنشأ، البغدادي دارًا، الدمشقي مهاجرًا، العقيلي مَحْتِدًا(١)، الأحمدي مذهبًا.

مولده في سابع عشر رجب المعظم من سنة ست وتسعين وستمائة(٢).

حفظ القرآن في صباه، واشتغل على الحسين بن يوسف بن محمد بن أبي السري، وانتفع به في الفقه والفرائض(٣)، وتفقه على جماعة.

وانتقل إلى بغداد سنة تسع وعشرين وسبعمائة، وسمع من صفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق، وأبي الثناء محمود بن علي الدقوقي، ثم انتقل إلى دمشق سنة ست وأربعين وسبعمائة فسمع من أصحاب ابن عبد الدائم فمن بعدهم، فأكثر، وأجاز له أبو العباس أحمد بن أبي طالب الحجار الصالحي، وعفيف الدين أبو عبد الله محمد بن عبد المحسن بن أبي الحسن الواعظ البغدادي، وعدة.

وسمع الكتب الستة و((مسند الإمام أحمد)) و((السنن الكبير)) للبيهقي وغير ذلك مما يطول ذكره، كما كتب ذلك بخطه رحمه الله.

وبرع في العربية والفرائض، ونظم عدة أراجيز في عدة فنون، وخَرَّج لغير واحدٍ.

وهو القائل لَّلُ في مطلع ((اللؤلؤة)) (ص ١٨٣):

وبعدُ فالعلمُ زينٌ فافنِ عمرك في تَحْصِيلِ مَا اسْطَعْتَ منه واعصِ مَنْ عَذَلا

(١) المحتد: الأصل، يقال: إنه لكريم المحتد. ((المعجم الوسيط)) (حتد).

(٢) نقلته من خط المؤلف زَّلُ انظر صورته في ((الأعلام)) للزركلي (٢٥١/٨).

(٣) ذكر ذلك ابن رجب في ((ذيل طبقات الحنابلة)) (٤١٨/٢).

18

ثم الكلام بلا نحوٍ لمستمع

مثلِ الطعام بلا ملح لمن أكلا
ترى الشريف متى يلحن يهنْ وتَرى الـ
وضيع إن يأتِ بالإعراب قد نبُلا

وقد أثنى عليه أهل العلم، من ذلك:

قال الإمام الذهبي في المعجم المختص(١): تفقه على جماعة، ثم قدم علينا سنة ست وأربعين وسبعمائة، وقرأ علي، وله نظمٌ جيدٌ، ومعرفةٌ بالمذهب وغيره، ونظم في الفقه مختصر ابن رزين ونظم التقريب في علوم الحديث لامية نحو ألف بيت. اهـ.

وقال الحافظ ابن ناصر الدين(٢): الإمام العلامة الحافظ البركة القدوة، ذو الفنون البديعة والمصنفات النافعة، جمال الدين، عمدة المحققين ... كان إمامًا ثقةً عمدةً زاهدًا عابدًا محسنًا جهده، صنف في أنواعٍ كثيرةٍ نثرًا ونظمًا، وخرَّج وأفاد، وأملى روايةً وعلمًا ... وكان عمدةً في نقد رجال الحديث وضبطه.

وقال الحافظ ابن ناصر الدين في بديعة البيان: ذكيهم وزَانَه علومُ السرمري يوسف القويمُ

وقال ابن ناصر الدين(٣) أيضًا: كان إمامًا علَّامةً ذا فنون ثقةً عمدةً، لم نر

(١) لم أقف عليه في المعجم المختص المطبوع، وقد نقل بتمامه على طرة النسخة الخطية لكتابنا هذا، وانظره في صور المخطوطات، ونقل بعضه ابن حجر في إنباء الغمر (١٠٢/١) وابن العماد في شذرات الذهب (٢٤٩/٦).

(٢) الرد الوافر (ق١١٥).

(٣) التبيان لبديعة البيان (ت ١٢٠٠).

19

أكثر تصنيفًا منه بعده.

وقال الحافظ ابن حجر(١): برع في العربية والفرائض، وله عدة أراجيز في عدة فنون، وخرَّج لغير واحدٍ، وحدَّث بالإجازة عن الحجار، وقد أخذ عنه ابن رافع - مع تقدمه - وذكره في ((معجمه)) وكان يذكر أن تصانيفه بلغت مائة وزادت في بضعة وعشرين علمًا.

وكتب السرمري إلى الصلاح الصفدي استجازة فأجابه الصفدي(٢) بقوله:

لبيك يا حلف النهى والسؤدد ومن امتطى بالعلم فوق الفرقد

ومن اغتدى فينا وثغر علومه عذب مقبَّله شهي المورد
وإذا أفاض الطالبين مسائلا يسقي بريا ريقه العطش الصدي
وإذا جلى نظمًا رأينا عقده من لؤلؤ متتابع متسرد
شرفت ربع دمشق حين سكنته بفضائل بين الورى لم تجحد

إلى أن قال الصفدي:

أنت الإمام الحبر أمرك طاعة بك أقتفي سبل البيان وأقتدي

وقال العلامة شهاب الدين بن حجي(٣): سمعت منه، وكانت له مشاركة جيدة في العربية واللغة.

وقال العلامة ابن قاضي شهبة(٤): العالم المحدث المفتي.

(١) ((الدرر الكامنة)) (٤٧٤/٤).

(٢) في ((ألحان السواجع)) نقله ابن حميد في ((السحب الوابلة)) (١١٨٤/٣ - ١١٨٥).

(٣) ((تاريخ ابن قاضي شهبة)) (٢٢٨/١) نقلًا عن مقدمة ((اللؤلؤة)) (ص١٧٣).

(٤) ((تاريخ ابن قاضي شهبة)) (٢٢٨/١) نقلًا عن مقدمة ((اللؤلؤة)) (ص١٧٣).

20