الطمع قلما جمع
الجرو يتحدى فيلا
النملة1
الحمل الوديع
الغدير الصغير1
الثعلب والمرموط1
الذئب ينشد السلام
البرميل الفارغ والبرميل الملآن
البرميل ينضح بما كان فيه
السلطان الجديد
Unknown page
المهر ينتقد الفلاح المبذر
تعليم الأمراء
كما تزرع تحصد
الخنزير الكبير
مكافأة السنجاب
الثقة العمياء
الفلاح وخادمه
الوزة الغاضبة
الحمار يقلد وساما
الذئب والفارة
Unknown page
الطباخ وسنوره المحبوب
الأفعى تستعطف الفلاح
الذبابة المغرورة
النار! النار!
زهرة الحقل الزرقاء والخنفساء
معاهدة صداقة وعدم اعتداء
صياد الفراش
الحصاة والماسة
الغراب والبومة
أبو الأشبال يصطفي فيلا
Unknown page
العقاب والخلد
النقد الأثري
الغني والفقير
الذئب في بيت الكلاب
البخيل والكنز
الغرارة المغرورة
الفلاحان وحظهما
الكلب والحصان
القرد يطلب الثناء
الثلاثة الأصحاب
Unknown page
الحجر يغار من المطر
الغراب القدير1
الفلاح الحمار
أبو خالد السخي
الطحان الغبي
المزنة1 الفخورة
الدب والشهد
القرد يلبس النظارات
حاميها حراميها
العقاب والعنكبوت
Unknown page
الكوكو والحمامة
الموسيقيون
الكرمة والبلوطة
القرد في المرآة
الفار1 والوزة2 والسمكة والحنجل3
الغنم والذئاب
القروي يستجدي
الذئب وجروه
الفلاح واللص
الأفعى الشريرة
Unknown page
ظل الغبي
الطمع قلما جمع
الجرو يتحدى فيلا
النملة1
الحمل الوديع
الغدير الصغير1
الثعلب والمرموط1
الذئب ينشد السلام
البرميل الفارغ والبرميل الملآن
البرميل ينضح بما كان فيه
Unknown page
السلطان الجديد
المهر ينتقد الفلاح المبذر
تعليم الأمراء
كما تزرع تحصد
الخنزير الكبير
مكافأة السنجاب
الثقة العمياء
الفلاح وخادمه
الوزة الغاضبة
الحمار يقلد وساما
Unknown page
الذئب والفارة
الطباخ وسنوره المحبوب
الأفعى تستعطف الفلاح
الذبابة المغرورة
النار! النار!
زهرة الحقل الزرقاء والخنفساء
معاهدة صداقة وعدم اعتداء
صياد الفراش
الحصاة والماسة
الغراب والبومة
Unknown page
أبو الأشبال يصطفي فيلا
العقاب والخلد
النقد الأثري
الغني والفقير
الذئب في بيت الكلاب
البخيل والكنز
الغرارة المغرورة
الفلاحان وحظهما
الكلب والحصان
القرد يطلب الثناء
Unknown page
الثلاثة الأصحاب
الحجر يغار من المطر
الغراب القدير1
الفلاح الحمار
أبو خالد السخي
الطحان الغبي
المزنة1 الفخورة
الدب والشهد
القرد يلبس النظارات
حاميها حراميها
Unknown page
العقاب والعنكبوت
الكوكو والحمامة
الموسيقيون
الكرمة والبلوطة
القرد في المرآة
الفار1 والوزة2 والسمكة والحنجل3
الغنم والذئاب
القروي يستجدي
الذئب وجروه
الفلاح واللص
Unknown page
الأفعى الشريرة
ظل الغبي
أحاديث روسية
أحاديث روسية
تعريب
إلياس أنطون
مقدمة
بقلم كامل كيلاني
طلب إلي الصديق العزيز الأستاذ إلياس أنطون إلياس أن أراجع هذا الكتاب وأقدم له، ولم يكن أشهى إلى نفسي من أداء هذين الواجبين.
فأما مراجعة الكتاب فقد وجدت فيها ألوانا وفنونا من المتع العقلية، أذكرتني ما قرأته من طرائف «ابن المقفع» في «كليلة ودمنة»، وبدائع «لافونتين»، وروائع «إيزوب»، ورأيت أمامي ثروة من الحكم الأصيلة، تصاغ في وجازات قصصية بارعة، فتحوي في كلماتها القليلة من جليل المعاني نفائس وتوجيهات تضيق بالتعبير عنها مطولات الأسفار وضخام المجلدات، ولا عجب أن ترجح الدرة - على صغر حجمها وضآلة جرمها - أضعاف وزنها من الذهب.
Unknown page
وأما قابس هذه الحكم، وناظم عقدها، فهو مستغن عن التعريف بما بذله من جهود موصولة آتت، ولا تزال، تؤتي ثمارها كل يوم، فقد أسهم صاحبها في بناء نهضة الشرق الثقافية بأوفى نصيب، ولا زال الجميع يذكرون ما أفادوه من «معاجمه العصرية» من ثمرات لغوية ميسرة الجني، دانية القطوف، وما أفادوه مما نشره، ولا يزال ينشره، للصفوة المختارة من أعلام المؤلفين والمترجمين.
وقد عرفه شيوخ العصر - منذ حداثتهم - كما عرفه شباب الجيل، بما أسهم في وضع الأساس الثقافي، وما بذل في سبيل الفصحى من جهود مضنية، أجرها عند الله.
هذا بعض ما يقال في هذا الأثر النفيس، وقابسه البارع، وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق، كما يقول المثل العربي القديم.
الطمع قلما جمع
طاف الشحاذ متوكئا على عكازته الطويلة، يتسول متنقلا من باب إلى باب، حاملا تحت ذراعه كشكوله العتيق البالي؛ ليلقي فيه ما يجود عليه به المحسنون، فكان يدلف من دار إلى دار، مستجديا «أهل الخير والإحسان» بنداءاته المألوفة، وأدعيته المعروفة؛ كأن يطلب من الله أن «يجعل دار المحسنين عامرا»، أو يذكر السامعين بأن «من قدم إحسانا بيديه التقاه»، أو بأن «الدنيا إلى زوال، وكل ما عليها فان، ولا يبقى منها غير وجه ربك ذو الجلال والإكرام»، أو بأن «القناعة كنز لا يفنى» أو بأن «ما عند الناس ينفد وما عند الله باق!»
1
وكلما مر بدار أخذ يناجيها بما يعن له من الآراء الفلسفية التي تتصل بالأنظمة الاجتماعية وعيوبها، خصوصا ما يتعلق بالأغنياء الذين لا يكتفون بما عندهم من مال وعقار، بل يدأبون في طلب المزيد ارتكانا على ما في هذه الأنظمة من الشرائع والقوانين الجائرة التي لا تحد من جشعهم.
وفي يوم ما، بينما كان يجول جولته المعتادة، وقف أمام دار مغلقة الأبواب والنوافذ، وأخذ يوجه إليها نجواه، قائلا: «في هذه الدار الخاوية كان يسكن التاجر الغني السيد «عبد الغني»، الذي لم يقنع بما حازه من خير كثير، فأخذ يعد سفنا لسفرة يئوب منها بأضعاف ما كان له من مال، ولكن السفن التي أنفق كل ما كان عنده في سبيل إعدادها، عصفت بها الرياح، فغرقت وابتلعها اليم بكل ما كان فيها.»
وسار قليلا ثم وقف أمام دار أخرى، ليس بها نافخ ضرمة،
2
Unknown page
وأمسك عصاه بيسراه، وأسند رأسه على كف يمناه، وطفق يخاطبها قائلا: «وأنت أيها القصر الخرب، ألم يقطنك رجل ثري كان يشار إليه بالبنان؟! ولكنه الطمع، عدو الإنسان الأكبر، دفعه إلى طلب المزيد بالمضاربات المالية، فأضاع كل ما كان له من مال وعقار، فما أحمق الناس الذين لا يملأ عيونهم إلا التراب ...»
واتفق حينئذ مرور «إلهة البخت» العمياء، فلما رأته وقفت تعترض طريقه، وقالت له: «أصغ إلى ما سأقوله لك، وتدبره أيها الرجل؛ فقد مضى علي زمن طويل وأنا أحاول الاتصال بك لمساعدتك وتحسين حالك؛ فافتح كشكولك؛ لأني سأصب فيه كل ما تطلبه نفسك من نقود ذهبية، شرط ألا تدع قطعة واحدة منها تسقط من الجراب إلى الأرض؛ لأنها إذا سقطت فكل ما قد يكون فيه من قطع الذهب، سوف يتحول إلى تراب في لحظة واحدة، فاحذر! ولا تنس أن كشكولك قد أنهكه الاستعمال، فلا تحمله أكثر مما يقدر على حمله.»
فما إن سمع منها هذا الشرط «البسيط» حتى أسرع وفتح أمامها كشكوله، فأخذت تصب فيه من ذهبها الوهاج، رويدا رويدا، ما أذهله عن التحذير والنصح الذي أسدته إليه منذ لحظة، فقالت له: ألا ترى أن فيما أغدقته عليك الكفاية؟ - كلا! يا سيدتي، أرجوك ... أيضا ...! أيضا ...! أيضا ... زيدي ... - ولكن ... أريدك أن تذكر أن كشكولك ليس جديدا، ويخشى عليه أن ينشق، إذا حملته فوق طاقته. - لا ...! لا خوف عليه ...! لا تخافي ...! إنه يسع أكثر مما فيه الآن ... أرجوك أن ...! - ولكني أرجوك بدوري ألا يذهلك رنين ذهبي عن حقيقة كشكولك، وعن الشرط الذي ذكرته لك عندما عرضت عليك هبتي ... - فقط ... أرجو أن تكملي جميلك ... بحبة أخرى من ...
وفي تلك اللحظة انشق الكشكول، فسقط ما كان فيه على الأرض، وصار ترابا، واختفت إلهة الحظ تاركة الشحاذ أفقر مما كان؛ وهو يقلب بين يديه كشكوله المشقوق، ويقرع سنه ندما وحسرة ...
الجرو يتحدى فيلا
كان الفيال يقود فيلا هائلا في أكبر طرق المدينة، ورآه جرو صغير، فطفق ينبح حول الفيل ويثب نحوه، كأنه يهاجمه ويستثيره لمنازلته ومصارعته.
فنظر إليه الفيال وانتهره في سخرية، وهو يقول له: أحقا ترغب، يا ضئيل، في مصارعة هذا الفيل؟ فإذا كان الأمر كذلك، فثق أن صوتك سيبح قبل أن يرمقك بنظره، أو يعيرك أقل اهتمام، ونصيحتي لك هي أن ترحم نفسك، وتريح حنجرتك، وتذهب في حال سبيلك.
فقال الجرو الخبيث: هون عليك يا صاح؛ لأني متيقن من صدق ما تقول، ولولا هذا اليقين لما كنت اجترأت على مهاجمة فيلك الجبار تلك المهاجمة التي ستجعل كل من يعلم بها يعجب لشجاعتي ويقول: «انظر إلى هذا الجرو الجريء! حقا إنه بطل صنديد، وداهية شجاع، وإلا لما أقدم على تحدي هذا الفيل.»
النملة1
عاشت في سالف الأزمان نملة، ذكر خبرها مؤرخ نملي عظيم، لا يتطرق أقل شك إلى صدق روايته؛ قال: إنها كانت موهوبة بقوة مدهشة، لم يسبق أن كان لغيرها من بني جنسها مثلها؛ فقد كانت تقوى على رفع حبتين كبيرتين من الشعير عن الأرض، وكذلك كانت لها شهرة ذائعة في الشجاعة والإقدام، حتى إنها إذا ما التقت بدودة هجمت عليها وصرعتها ومزقتها تمزيقا بلا أدنى خوف أو وجل، وقد قيل: إنها كانت لا تخشى بأس العنكبوت.
Unknown page
ولهجت بأخبار قوتها وبطولتها كل قرية النمل، فكانت تزهو بما يغدق عليها من عبارات المدح والثناء، حتى داخلها الغرور، فصارت تختال عجبا ودلالا، وكأنها تقول للأرض: «اشتدي، فما عليك قدي»، إلى أن آل بها الأمر إلى العزم على السفر إلى المدينة العظيمة؛ لتكسب فيها شهرة جديدة، وهكذا هرولت إلى قمة حزمة من التبن، كانت موضوعة بجانب سائق المركبة الذاهبة إلى المدينة وجلست فوقها، وهكذا دخلت المدينة دخول الفاتح العظيم.
ولكن ما أقسى الصدمة التي أصابت كبرياءها، عندما رأت أن أهل المدينة لم يهرعوا إلى الطرق والميادين والساحات العمومية التي مرت بها مركبتها الفخمة؛ لكي يحظوا برؤيتها، وتكتحل عيونهم بمشاهدة ألعابها البهلوانية وشقلباتها الاستعراضية، بل كانوا يروحون ويجيئون وينكبون على أعمالهم دون أن ينظروا إليها، أو يعيروها أقل التفات، فكم وكم حاولت أن تسترعي أنظارهم بالقفز والوثب ورفع المثقلات الكبيرة الحجم دون طائل!
وأخيرا عندما أعيتها الحيل وأضناها التعب، أدارت نظرها إلى الكلب الراقد بجانب مركبة سيده، وخاطبته قائلة: يا عزيزي «فيدو»، ألست ترى مثلي أن كل سكان هذه المدينة الكبيرة مجردون من الإحساس؛ فلهم عيون ولكنها لا تبصر، وآذان لا تسمع، فقد قضيت هنا أكثر من ساعة، أنهكت فيها بدني؛ لأريهم ما أنا عليه من القوة والمهارة في الألعاب التي تسحر الألباب، فلم يلتفت إلي واحد منهم، مع أن شهرتي قد عمت «بلدتنا»، حتى أصبحت أحدوثة أهلها، قالت ذلك، وإذ لم تسمع جوابا من «فيدو»، أدارت له وللمدينة ظهرها، واتجهت نحو قريتها ...
الحمل الوديع
عثر الحمل الساذج على جلد ذئب، فخطر له أن يلعب دورا مضحكا على رفاقه، فارتدى الجلد، وانسل بين أصدقائه وإخوانه في القطيع؛ كي يداعبهم بزيه الجديد.
وقبل أن يدرك ما سببه من الذعر والهلع في الحظيرة، كانت كلاب الحرس فوقه تنشب أنيابها في جلده ولحمه كي تمزقه إربا.
ولحسن حظه أن أدركه الراعي، ورآه تحت جلد الذئب، فزجر الكلاب عنه، وأنقذه من مصير محزن كان محققا. •••
فعلى الحملان الوادعة ألا تظهر بمظهر الذئاب الكاسرة.
الغدير الصغير1
جلس الراعي المسكين عند الغدير الصغير يندب حظه العاثر؛ لأن خروفا من خرافه غرق في النهر المجاور.
Unknown page
وحزن الغدير لحزن الراعي، وأخذ يواسيه ويعزيه، موجها إلى النهر عتابا مرا على أثرته
2
وقسوته، فقال: تبا لك أيها الغدار الشره، ما أقسى قلبك! أليس لجشعك حد، أو لطمعك نهاية؟ فلو استطاع الناس أن يستشفوا ما تحت مياهك العميقة العكرة، كما يقدرون على رؤية ما في مياهي القليلة الصافية، لاقشعرت أبدانهم اشمئزازا من هول ما يرون في جوفك القذر من فضلات الضحايا التي تبتلعها من وقت إلى آخر! وكنت تهرب خجلا؛ لتختفي عن الأنظار بالغور في جوف الأرض، أو الانحدار إلى هوة دامسة الظلام.
أما أنا، فلو أسعدني الحظ بما حباك
3
من قوة باهرة،
4
ومياه زاخرة؛ لكنت أصرفها في سبل غير سبلك، فما كنت أؤذي حتى الدجاجة الصغيرة، وكنت أنساب بكل لطف ودعة بين المساكن والحدائق حاملا الهناء والرخاء والبهجة لها ولكل الوديان والحقول والمروج التي يسعدها حظها بمروري بها في طريقي إلى البحر العظيم، دون أن أسلبها ورقة من أصغر حشائشها، أو زهرة من أحقر أعشابها - قال ذلك مخلصا، وكان مؤمنا بصدق ما قال.
وبعد قليل من الوقت، اكفهر الجو، وأظلمت السماء بالمعصرات
5
Unknown page
المطبقات،
6
ودوى الرعد القاصف، ولمع البرق الخاطف، ثم هطلت الأمطار الغزيرة، وأترعت مسايل المياه، فارتفع ماء الغدير، وصار سيلا عرمرما،
7
أشد طغيانا من النهر، فانطلق يرغي ويزبد ويهدر، جارفا كل ما اعترض سبيله من الأشجار الباسقة، ملتهما كل ما أدركه من حيوان وإنسان، حتى إن صديقه الراعي المسكين لم ينج من شره، هو وكوخه، وما بقي له من قطيعه ...
الثعلب والمرموط1
صاح المرموط بالثعلب قائلا: ولم هذه السمسمة
2
يا أبا الهياطل؟
3
Unknown page
إنك تعدو كالهارب من موت محقق.
فأجابه الثعلب - واللهاث يكاد يقطع أنفاسه - قائلا: ما أفظع التهم التي يلصقها الناس جزافا باسمي، وأنا بريء منها يا صديقي! فقد توليت حراسة بيت الدجاج القريب من هنا زمنا طويلا، لم تغمض فيه عيني طول الليالي، ولم أهنأ بأكل لقمة كل الأيام، حتى اعتلت صحتي، وبعد كل هذا الجهد الجاهد يسوءون سمعتي؛ إذ يقولون عني: إني لص سافل خسيس، فيا لها من تهمة يقشعر لشناعتها بدني! ... أأنا حقا حرامي؟ أيرضيك أن تلصق بصاحبك وصمة عار هو منزه عنه؟ أرجوك، وأتوسل إليك أن تحلف لهم بكل عزيز لديك على براءتي؛ لأنك - دون شك - لم ترني أسرق! أليس الأمر كذلك؟
وقال المرموط: حقا إني لم أرك تسرق الدجاج، يا صاح، ولكن الحق أولى أن يقال: وهو أني كثيرا ما رأيت زغبا
4
لاصقا بخطمك.
5
الذئب ينشد السلام
قال الذئب للعقعق
1
وداعا يا صديقي العزيز، فقد نويت هجر هذه الغابة المنحوسة، بعد أن يئست من نيل السلام والراحة وإدراك الهناء والطمأنينة فيها.
Unknown page
فكل المخلوقات هنا تكرهني، وتنظر إلي كما لو كنت عدوها اللدود.
فقال العقعق للذئب - متظاهرا بالحزن لوقع هذا الخبر في نفسه: وإلى أين فكرت في الرحيل يا هذا؟ - إلى أين ...؟ إلى أي مكان يبعدني عن هذه الغابة البغيضة، وسأحاول أن تكون بلادا نائية، سكانها أودع من الحملان، وكلابها أجبن من الخرفان، وكل أهلها يعيشون مجتمعين على الألفة والمودة، حيث يعم السلام، فأنعم بلذة الحرية، وأستنشق هواءها المنعش، فلا أضطر إلى الاختباء نهارا، وحرمان نعمة النوم ليلا ... و...
فقال العقعق: حسنا تفعل يا صاح! ولكن قل لي بالله عليك؛ ألا تنوي الإقلاع عن وحشيتك الكريهة وخلع أنيابك الحادة قبل دخول هذه البلاد السعيدة؟!
وقال الذئب: كلا، وألف كلا! إذ كيف أستطيع أن أحيا بدونها؟
فقال العقعق: إذن ثق أنك لن تجد سلاما أينما ذهبت.
البرميل الفارغ والبرميل الملآن
سار برميلان في طريقهما من المخزن القديم إلى المخزن الجديد، يدحرج كلا منهما فتى مفتول الساعدين.
وكان أحدهما ملآن بالشراب المعتق، والآخر فارغا جافا لا شيء فيه.
فكان الأول يسير سيرا وئيدا بلا ضوضاء، أما الثاني، فلأنه كان فارغا خفيفا كان يقفز ويترجرج، ويحدث قعقعة ودويا كدوي الرعد، حتى أجفل الذين كانوا في طريقه، وجعلهم يخلونه له فزعا وخوفا، أو اجتنابا لسماع صوته المزعج.
والآن؛ ألست ترى معي يا قارئي العزيز أن عظمة البرميل الملآن قد تجلت بتؤدته ورزانته وصمته، بينما قعقعة زميله الفارغ قد فضحت أمره؟! وأن ذلك يعزز المثل القائل: «إن البراميل الفارغة أكثر جلبة من البراميل الملآنة.»
Unknown page