وأحيانًا سنوات أراجعه فيها، وأقدم وأُؤخر، وأبسط وأختصر، وألحق ما أجده من الزيادات التي استخرجها من مطالعتي الدائمة على مصنفات العلماء، حتى بلغني عن بعض الأحباب وقد قرأ اسم جزء لي في بعض الكتب، قال ما معناه: عهدنا من أبي إسحاق أنه ينشر عنوان الكتاب فقط، ويظل سنوات لا ينشره، مما يزهدنا في متابعة مشاريعه!. وضرب لذلك مثلًا بـ "بذل الإِحسان" وقال: نسمع عنه منذ عشر سنوات ولم نره حتى الآن!
ولعله رأى الجزء الأول منه، والثاني في المرحلة الأخيرة من الطبع ويظهر قريبًا إن شاء الله. وأقول لهذا الحبيب: إن الفن الذي نشتغل به، من أدق فنون العلم، بل أدقها على الإطلاق لتشعُّب مادته جدًّا، وكثرة الكتب والأجزاء المسندة، وهذا العلم دين، وإذا كان من القبيح عند العلماء أن تنسب القول لغير قائله كأنْ تقول مثلًا: إنَّ ابن حزم ممن يحتجُّ بالقياس، لما عُلم عنه غير ذلك، فكيف إذا نسبت إلى النبي ﷺ قولًا لم يقله، فلا شك أن صاحبه داخل في جملة الكاذبين عليه وإن لم يقصد ذلك، فلأن الدخول في هذا العلم بغير بصرٍ مرتع وخيمٌ، وجب على المرء الطالب السلامة لنفسه أن يبذل الوسع قبل أن يصدر الحكم، فهذا هو الدافعُ الذي يجعلني أؤخر بعض مصنفاتي التي أنهيتُها من قديم.
وكان كتابي في "صحيح الأحاديث القدسية" من هذا القبيل.
فلما هممت أن أنشره، جعلت أراجعه مرةً أخرى -بقدر المُكْنة- فتأخر أيضًا، فرأيتُ أكثر من كتاب طبع في "صحيح الأحاديث القدسية". وهي وإن كان يشوبها عيبٌ، إما من قلة
1 / 5