أصبح من فضول الكلام أن نذكر إحسان مدرسة الحكمة إلى لغة العرب والأدب الحديث، وأبناؤها ملء الدنيا يعلمونها الناس. أحدقت بالمدرسة أحوال وظروف فهمدت كما تخمد وظلت تصارع في سبيل البقاء. ودارت الأيام دورتها وتداولتها الأيدي، فكانت تعلو وتهبط حتى جاء هذا الرئيس النحيل الذي لو رآه المتنبي لقال:
ودهر ناسه ناس كبار
وإن كانت لهم جثث نحيلة
حرث هذا الأب كرم سيده ولا تزال يده على المحراث يخرج الجفنة حبلى بالعناقيد. أعاد إلى المدرسة عزها الأول ولا يزال يمشي بها بأقدام الجبابرة. فما أجمل خطواتك بالحذاء يا بنت الأمير. كلك جميلة يا خليلتي ولا عيب فيك.
لا خوف على كرم سليمان ما زال الناطور الأكبر يقنص الثعالب الصغار التي تتلف الكروم، كانت الرئاسة أمثولة، فصيرها هذا الخوري بطولة، كان يوحنا مارون الأول بطريركا يناضل في سبيل عقيدة دينية، وهذا يوحنا مارون الكاهن يكافح في سبيل العلم والتربية والوطنية. ولولا المربي ما عرفت ربي.
عشت يا أبت، حقق الله حلمك الأغر.
مدارس الأمس ومدارس اليوم
أليس من حق الطالب أن نعرض عليه شريط ذكريات مدرسية قديمة وحديثة؟ أليس هو اليوم منصبا على دروسه حالما بشهادته عروس آماله التي يرى السعادة كلها في تزاويقها وحروفها؟
يقول الناس عموما وذوو التلاميذ خصوصا: أين مدارس هذا العصر من مدارس ذلك الزمان؟ وأين تلاميذنا من أولئك التلاميذ؟
إنهم طبعا يضعون الحق على المدارس: ويبرئون أنفسهم حين يقولون هذا. ولهذا أنا أروي ما مر على رأسي من شئون المدارس وشجونها، فيقابل القارئ بين مربي ذلك الزمان، ومربي اليوم.
Unknown page