فَيَظَلُّ، أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ١، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ٢، فَيَظَلُّ أَثَرُهُا مِثْل الْمَجْلِ، كَجَمْرٍ دَحْرَجَتْهُ عَلَى رِجْلِكِ، فَنَفِطَ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا٣، وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ (ثُمَّ أَخَذَ
_________
١ في صحيح البخاري: "فيظلّ أثرها مثل أثر الوكت". وما في المخطوطة موافق لما في مسلم.
والوكت هو: الأثر اليسير. كما قاله الهروي.
وقال غيره: هو سواد يسير. وقيل: هو: لون يحدث مخالف للون الذي كان قبله.
٢ بعد هذه الجملة في صحيح مسلم: "فيقبض الأمانة من قلبه. فيظل أثرها مثل المجل".
وكذلك في البخاري مع اختلاف يسير.
والمجل: بإسكان الجيم وفتحها لغتان، حكاهما صاحب التّحرير. والمشهور الإسكان.
والمجل: هو: التنفط الذي يصير في اليد؛ من العمل بفأس أو نحوها. ويصير كالقبة فيه ماء قليل.
٣ "فتنفط فتراه منتبرًا"، نَفِطَ من باب تَعِبَ. إذا صار بين الجلد واللحم ماء. وتذكير الفعل المسند للرجل. وكذا قوله: "فتراه منتبرًا" مع أن الأرجل مؤنثة، باعتبار معنى العضو. و(منتبرا) مرتفعا. وأصل هذه اللفظة: الارتفاع. ومنه المنبر؛ لارتفاعه، وارتفاع الخطيب عليه.
قال صاحب التحرير: إنّ الأمانة تزول عن القلوب شيئًا فشيئًا، فإذا زال أول جزء منها زال نورها، وخلفته ظلمة كالوكت. وهو اعتراض لون مخالف للون الذي قبله. فإذا زال شيء آخر، صار كالمجل، وهو أثر محكم، لا يكاد يزول إلاّ بعد مدة. وهذه الظلمة فوق التي قلبها. ثمّ شبه زوال ذلك النّور بعد وقوعه في القلب، وخروجه بعد استقراره فيه، واعتقاب الظلمة إياه، بجمر يدحرجه على رجله، حتّى يؤثر فيها، ثمّ يزول الجمر ويبقى التّنفط.
وأخذ الرسول – ﷺ – الحصاة، ودحرجته إياها: أراد بها زيادة البيان وإيضاح المقصود.
1 / 66