سمعت بالخبر في مقهى الفن، قبل الذهاب إلى المسرح، هرعت إلى حجرة سرحان الهلالي، سألته: الخبر صحيح؟
فأجابني بوجوم: نعم، كان عباس يقيم في بنسيون في حلوان ... غاب طويلا ... عثر على خطاب في حجرته يعترف فيه بعزمه على الانتحار. - هل عثر على جثته؟ - كلا ... لم يعثر له على أثر. - هل ذكر أسبابا لانتحاره؟ - لا ... - هل اقتنعت بانتحاره؟ - لم يختفي والنجاح يدعوه للظهور والعمل؟
وفصل بيننا صمت كئيب، حتى سمعته يتساءل: لم ينتحر؟
فقلت: لنفس الأسباب التي انتحر من أجلها بطل مسرحيته. - إنك مصر على اتهامه. - أتحدى أن تجد سببا آخر.
انفجر الخبر في الوسط الفني، وبين جمهور المسرح. لم يسفر البحث عنه عن شيء. اتخذت الإجراءات المألوفة في هذه الأحوال. داخلني شعور عميق بالارتياح؛ قلت لنفسي: لن يعرف نجاح المسرحية حدودا يقف عندها.
كرم يونس
الخريف نذير، فهل نحتمل برودة الشتاء؟ عمر ينقضي في بيع الفول السوداني واللب والفشار. وهذه المرأة التي قضي علي بها مثل السجن؛ لم نسجن في بلد تستحق غالبيته السجن؟ قانون مجنون لا يدري كيف يحترم نفسه. ماذا سيفعل كل هؤلاء الصبية؟ انتظر حتى تشهد هذه البيوت القديمة وهي تنفجر! التاريخ يحزن لتحوله إلى قمامة، المرأة لا تكف عن الأحلام؛ ولكن ما هذا؟ من هذا؟ شبح من الماضي. إلي بخنجر مسموم! ماذا تريد يا مستنقع الحشرات؟ قلت لحليمة بامتعاض: انظري ...
دهشت، تساءلنا: أيجيء للتهنئة أم للشماتة؟ - ها هو يقف ملقيا بابتسامته الكريهة، بعينيه الضيقتين، وأنفه الغليظ، وفكه القوي العريض! كن جافا معه مثل الزمن. - طارق رمضان! ... ماذا جاء بك؟
وقالت حليمة منفعلة: أول زيارة من أهل الوفاء مذ رجعنا إلى سطح الأرض.
فقال طارق: ما أنا إلا غريق من الغرقى.
Unknown page