Adwa Bayan
أضواء البيان في تفسير القرآن
Publisher
دار عطاءات العلم (الرياض)
Edition Number
الخامسة
Publication Year
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
Publisher Location
دار ابن حزم (بيروت)
Genres
المعرضين عنه من الكفرة، قال: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠)﴾ فيكفي المعرض عنه أنه حمار، وأنه من حمير النار. وبين تعالى أن المعرض عنه يحمل يوم القيامة ما لا يستطيع له حملًا، قال: ﴿وَقَدْ آتَينَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وزْرًا (١٠٠) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (١٠١)﴾ فتح الله تعالى به قلوبًا غلفًا، وأعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقال فيه: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤)﴾ لا تنقضي عجائبه ولا يخلق على طول التكرار، ما تعاقب الليل والنهار، رفع الله تعالى به قومًا ووضع به آخرين، وقال: ﴿فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيثُ لَا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيدِي مَتِينٌ (٤٥)﴾ وهو آخر الكتب السماوية عهدًا برب العالمين، فكل الشر في الإعراض عنه، وكل الخير في الإقبال عليه، فطوبى لمن كان حجة له، وويل لمن كان حجة عليه ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (٤٤)﴾ ففيه للمطيع أعظم وعد وللعاصي أشد وعيد. ومع هذا كله، فإن أكثر المنتسبين للإسلام اليوم في أقطار الدنيا معرضون عن التدبر في آياته غير مكترثين بقول من خلقهم: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (٢٤)﴾ لا يتأدبون بآدابه، ولا يتخلقون بما فيه من مكارم الأخلاق يطلبون الأحكام في التشريعات الضالة المخالفة له، غير مكترثين بقول ربهم: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)﴾ وقوله: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (٦٠)﴾ بل المتأدب بآداب القرآن المتخلق بما فيه من مكارم
1 / 6