علم بالأدلة على الرَّاجِح وأبحث فِي كتب الْأَدِلَّة عَن مَاله تعلق بذلك أستروح إِلَيْهِ وأتعلل بِهِ مَعَ الْجد فِي الطّلب واستغراق الْأَوْقَات فِي الْعلم خُصُوصا عُلُوم الِاجْتِهَاد وَمَا يلْتَحق بهَا فَإِنِّي نشطت إِلَيْهَا نشاطا زَائِدا لما كنت أتصوره من الِانْتِفَاع بهَا حَتَّى فتح الله بِمَا فتح ومنح مَا منح فَلهُ الْحَمد كثيرا حمدا لَا يحاط بِهِ وَلَا يُمكن الْوُقُوف على كنهه
فَإِن وطنت نَفسك أَيهَا الطَّالِب على الْإِنْصَاف وَعدم التعصب لمَذْهَب من الْمذَاهب وَلَا لعالم من الْعلمَاء بل جعلت النَّاس جَمِيعًا بِمَنْزِلَة وَاحِدَة فِي كَونهم منتمين إِلَى الشَّرِيعَة مَحْكُومًا عَلَيْهِم بِمَا لَا يَجدوا لأَنْفُسِهِمْ عَنْهَا مخرجا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ تحولا فضلا عَن أَن يرتقوا إِلَى وَاحِد مِنْهُم أَو يلْزمه تَقْلِيده وقبوله قَوْله فقد فزت بأعظم فَوَائِد الْعلم وربحت بأنفس فرائده
ولأمر مَا جعل ﷺ الْمنصف أعلم النَّاس وَإِن كَانَ مقصرا فَإِنَّهُ أخرج الْحَاكِم فِي = الْمُسْتَدْرك = وَصَححهُ مَرْفُوعا أعرف النَّاس أبصرهم بِالْحَقِّ إِذا اخْتلف النَّاس وَإِن كَانَ مقصرا فِي الْعَمَل وَإِن كَانَ يزحف على أستة هَكَذَا فِي حفظي فَليُرَاجع = الْمُسْتَدْرك = فَانْظُر كَيفَ جعل ﷺ الْمنصف أعلم النَّاس وَجعل ذَلِك هُوَ الْخصْلَة الْمُوجبَة للأعلمية وَلم يعْتَبر غَيرهَا وَإِنَّمَا كَانَ أبْصر النَّاس بِالْحَقِّ إِذا اخْتلف النَّاس لِأَنَّهُ لم يكن لَدَيْهِ هوى وَلَا حمية وَلَا عصبية لمَذْهَب من الْمذَاهب أَو عَالم من الْعلمَاء فصفت غريزته عَن أَن تتكدر بِشَيْء من ذَلِك فَلم يكن لَهُ مأرب وَلَا مقصد إِلَّا مُجَرّد معرفَة مَا جَاءَ عَن الشَّارِع فظفر بذلك بسهولة من غير مشقة وَلَا تَعب لِأَنَّهُ مَوْجُود إِمَّا فِي كتاب الله وَهُوَ بَين أظهرنَا فِي الْمَصَاحِف الشَّرِيفَة مُفَسّر بتفاسير الْعلمَاء الموثوق بهم وَإِمَّا فِي سنة رَسُول الله ﷺ وَهِي أَيْضا مَوْجُودَة قد ألف أهل الْعلم فِي أَدِلَّة الْمسَائِل من السّنة كتبا متنوعة مِنْهَا مَا هُوَ على أَبْوَاب الْفِقْه وَمِنْهَا مَا هُوَ على
1 / 36